الذين شهدوا في المحضر فنكل بعضهم عن الشهادة ، فأطلقوا ، وشهد الباقون فأخرق بهم وجرصوا ، وتبين للأمير بدر الدين تحامل شبيب ، فأمر بحبسه والحوطة على موجوده وأعيد الشيخ شمس الدين إلى الحبس ، فأقام به إلى أن أفرج عنه في نصف شعبان سنة اثنتين وسبعين.
وفي الثالث من شعبان توجه الملك الظاهر في جماعة من الأمراء والخواص إلى الشام ، وخيم بين قيسارية وأرسوف ، وكان مركزا بها الأمير شمس الدين الفارقاني ، فرحل عنها إلى مصر ، ودخلها يوم الاثنين تاسع عشر شعبان ، وتلقاه الملك السعيد ، والأمير بدر الدين الخازندار ، ثم أن الملك الظاهر شن الغارات على بلد عكا ، فخرجت إليه الرسل يطلبون منه الموادعة والصلح ، وترددوا في ذلك حتى تقررت الهدنة مدة عشر سنين ، وعشرة أشهر ، وعشرة أيام ، وعشر ساعات أولها ثاني عشري شهر رمضان ، ثم رحل بالعساكر التي بالساحل ، ونزل بهم خربة اللصوص ثم سار إلى دمشق ، فدخلها في الثامن من شوال.
وفي الخامس والعشرين من شهر رمضان وصل جماعة كثيرة من التتر إلى حران فأخربوا سورها ، وكثير من أسواقها ودورها ، ونقضوا جامعها ، وأخذوا أخشاب سقوفه ، واستصحبوا معهم من فيها فخربت ودثرت.
ذكر وصول رسل التتر إلى الملك الظاهر
كان قد وصل رسل صمغرا نوين المقيم بالروم في السابع من شوال وهم مجد الدين دولات خان ، وسعد الدين سعيد الترجمان من جهة صمغرا ، ومن جهة معين الدين سليمان بن مهذب الدين بن محمد نائب السلطنة ببلاد الروم ، فأحضرهم وسألهم عما جاؤوا فيه فقالوا : صمغرا نوين يسلم عليك ، ويقول لك مذ جاورته في البلاد لم يصله من جهتك رسول في أمر تختاره ، وقد رأى من المصلحة أن تبعث إلى أبغا رسولا بما تحب حتى يساعدك على بلوغ غرضك ، ويتوسط عنده ، فأكرم الملك