يسترجعها وكانت سنوب في ذلك التاريخ في يد كمناقوس ملك جانت تغلب عليها في الأيام التي وقع فيها الخلف بين عز الدين ، وركن الدين في سنة سبع وخمسين ، فعاد ركن الدين وبقي معين الدين سلمان البرواناة مقيما لقضاء الأشغال ، فتحدث معه أبغا سرا ، فقال البرواناة : هؤلاء بنو سلجوق ما يؤمنوا وربما لركن الدين باطن مع صاحب مصر ، فقال أبغا : قد وليتك نيابة السلطنة بالروم ، فإن تحققت أحدا يخالف طاعتي اقتله ، ثم استأذنه في محاصرة سنوب ، فأذن له وعاد إلى الروم ، واجتمع بركن الدين ، وعرفه خدمته ، فشكره على ذلك ، ثم جمع وحشد ما أمكنه ، وقصد سنوب وهي قلعة حصينة يحفها البحر من جوانبها ، وكان مقدم العسكر بها إذ ذاك غضراس الكافر ، وكان قد عمد إلى المساجد فجعلها كنائس ، فلما وصل البرواناة بالعساكر إلى سنوب سير اليغلغ إلى غضراس ، وطلب تسليم البلد فأبى ، فرتب البرواناة حوله مراكب فيها المجانيق والمقاتلة ، وزحف عليها وكان من أمراء الروم تاج الدين قليج ، وبينه وبين البرواناة شنآن فاتفق أنه ركب في مركب ، وزحف على القلعة فأرسى به مركبه على طرف النهر ، فانقلب بمن فيه ، وغرق الرجالة ، وخرج الركاب من البحر ، وكان باب القلعة مفتوحا ، فخرج غضراس راكبا وقصدهم ، وحمل على تاج الدين ليطعنه فتقنطر به فرسه فقتله تاج الدين ، وهجم القلعة فأخذها ، فلما استولى البرواناة عليها ادعى أنها فتوحه ، وكتب إلى أبغا وإلى مخدومه ، وجميع المجاورين بالفتح ونسبه إلى نفسه ، فعظم قدره فاستشعر منه ركن الدين واستشعر هو أيضا منه ، وحصل بينهما باطن أوجب أنه أوسع الحيلة في قتل ركن الدين ، على ما يأتي إن شاء الله في سنة ست وستين .....
وفيها جمع أرى جرل (١) أخو ريد افرنس ، وقصد جزيرة صقيلية وحارب الانبروز ملكها على مدينة سرقوسة فهزم عسكره ، وقتله في المصاف واستولى على جزيرة صقلية ....
__________________
(١) أي الملك شارل.