والسامرون سمرا ، وهو فتح صفد واستنفاذه من أسره ، واسترجاعه إلى الاسلام وقد طالت عليه في النصرانية مدة من عمره وإقرار عين الدين بفتحه ، وكان قذى في عينه وشجى في صدره ، وقد كنا لما وصلنا الشام بالعزم الذي نفرته دواعي الجهاد ، وانفذته عوالي الصعاد ، وقربته أيدي الجياد ، ملنا على سواحل العدو المخذول ، فغرقناها ببحار عساكرنا الزاخرة ، وشنينا بها من الغارات ما ألبسها ذلا ، رفل به الاسلام في ملابس عزه الفاخرة وهي إن كانت غارة عظيمة ، شنت في يوم واحد على جميع سواحله ، واستولى بها النهب والتخريب على أمواله ومنازله ، واستبيح من حرمه وحرمه مصونات معاقله ، وعقائله ، إلا أنها كانت بين يدي عزائمنا المنصورة نشيطة نشطنا بها الغازين واسترهفنا بها همم المجاهدين وقدمناها لهم كاللهنة قبل الطعام للساغبين ، وأعقبنا بما رأيناه أولى بالتقديم وأحرى ، وتبيناه أشد وطأة على الاسلام وأعظم ضرا ، وهي صفد التي باء باثمها حاملها على النصرانية ، ومسلطها بالنكاية ، على البلاد الاسلامية ، حتى جعلها للشرك مأسدة آساده ، ومراد مراده ، ومجر رماحه ، ومجرى جياده ، كم استبيح بسببها للاسلام من حمى ، وكم استرق الكفار بواسطتها مسلمة من الأحرار ومسلما ، وكم تسرب منها جيش الفرنج إلى بلاد المسلمين فحازوا مغنما وقوضوا معلما ، فنازلناها منازلة الليل بانعقاد القساطل ، وطالعناها مطالعة الشمس ببريق المرهفات ، وأسنة الذوابل ، وقصدناها بجحفل لم يزحم بلدا إلا هدمه ولا قصد جيشا إلا هزمه ، ولا ام ممتنعا طغى جباره إلا سهله وقصمه ، فلما طالعتها أوائل طلائعنا منازلة ، وقابلتها وجوه كماتنا المقاتلة اغتر كافرها ، فبرز للمبارزة والقتال ، ووقف دون المنازلة داعيا نزال ، فتقدم إليه من فرساننا كل حديد الشبا جديد الشباب يهوى إلى الحرب فيرى منه ، ومن طرفه أسد فوق عقاب ، ويخف نحوها مسرعا ، فيقال : إذا لقاء أعداء أم لقاء أحباب ، فهم فوارس كمناصلهم رونقا وضياء ، تجري بهم جياد كذوابلهم علائا ومضاء ، إذا مشوا إلى الحرب مزجوا المرح بالتيه ،