الملك الصالح بآمد معه الأمير حسام الدين بن أبي علي الهذباني ، وعلى آمد عسكر السلطان غياث الدين صاحب الروم ، وقد أخذ بعض قلاعها ، فقصدهم الخوارزمية ، وواقعوا بعض عسكر الروم ، فانهزم الباقون عن آمد ، ولم ينالوا منها غرضا ، فقلد القاضي بدر الدين بفعلته هذه للملك الصالح نجم الدين منة عظيمة ، وأوجب عليه حقوقا رعاها له ، ثم إن الملك الصالح عماد الدين سير القاضي بدر الدين ، وكان قدم الشام ، فجهزه في رسالة عنه إلى صاحب الروم ، فلما عاد بلغه خروج الملك الصالح نجم الدين من الاعتقال بقلعة الكرك ، وتملكه الديار المصرية فخاف على نفسه من تخيل الملك الصالح عماد الدين منه لما يتحققه من ميله إلى جهة الملك الصالح نجم الدين ، فجهز إليه جواب الرسالة ، وأقام بحماة لكون صاحبها الملك المظفر مع الملك الصالح نجم الدين ، ومباينا للملك الصالح عماد الدين ، ثم توجه في سنة ثمان وثلاثين من حماة إلى طرابلس وركب في البحر إلى الطينة ، وحصل له مرض يئس منه ، ثم ابل ودخل الديار المصرية ، فسر به الملك الصالح نجم الدين وأكرمه غاية الإكرام وجازاه على يده من عنده ، وكان القاضي شرف الدين ابن عين الدولة قاضي الاقليم بكماله ، فأفرد عنه مصر ، والوجه القبلي وفوضه إلى القاضي بدر الدين ، وأبقى القاهرة ، والوجه البحري بعد وفاة القاضي شرف الدين ، وكان الأمير فخر الدين يوسف بن الشيخ رحمهالله يكره القاضي بدر الدين ، فكتب مرة إلى الملك الصالح نجم الدين كتابا يغض من القاضي بدر الدين فيه ، وينسبه إلى أنه يأخذ من نوابه بالأطراف أموالا يحملونها إليه ، وأنه إذا عدل شاهدا أخذ منه مالا ، واشباه ذلك ، فلما وقف الملك الصالح على كتاب الأمير فخر الدين ، كتب إليه بخطه على رأس كتابه ما معناه : يا أخي فخر الدين ، للقاضي بدر الدين علي حقوق عظيمة لا أقوم بشكرها ، والذي قد تولاه قليل من حقه ، وما قمت له بما يجب علي من مكافأته ، فلما وقف الأمير فخر الدين على ذلك لم يعاوده في قضيته وترك الورقة في جملة من أوراق عنده ، فلما استشهد بالمنصورة