بالمسير إلى حمص ، والتصرف في بلاده التي حلف له عليها ، فلما قتل الملك المظفر ، وولي الملك الظاهر ، واستولى الأمير علم الدين الحلبي على دمشق حلف للملك الظاهر باطنا ، وللأمير علم الدين الحلبي ظاهرا ، ولما قصدت التتر حلب في أواخر سنة ثمان وخمسين وخرج منها بها من العزيزية ، والناصرية قصدوا حمص فآواهم وأحسن إليهم وقام لهم بالضيافات والإقامات ، وخرج التتر من حلب في طلبهم ، فلما وصلوا حمص في اوائل شهر المحرم سنة تسع وخمسين خرج إليهم وحاربهم مع العزيزية والناصرية ، وصاحب حماة ، فكسروهم ، وقتلوا منهم مقتلة عظيمة ، وكان التتر زهاء ستة آلاف فارس وهرب من سلم منهم ولم يقتل من المسلمين سوى رجل واحد ، وكان للملك الأشرف في هذه الوقعة أعظم غناء ، فرأى له الملك الظاهر ذلك ، ونبل قدره عنده وأعاد إليه تل باشر ، لما خرج إلى الشام في شوال سنة تسع وخمسين ، مع ما في يده ، ولم يزل ملحوظا منه بعين الرعاية إلى أن حصل عنده تخيل عن الملك الظاهر عند عوده إلى حمص من خدمته ، لما كان على الكرك ، وقبض على صاحبها ، فتواتر الأخبار عنه بإظهار أمور كامنة كانت في نفسه ، فعزم الملك الظاهر على الوثوب به واستئصاله بالكلية فعالجه المرض ، وتوفي في حادي عشر صفر أو عاشره ، من هذه السنة بحمص قبل صلاة الجمعة ودفن ليلا على جده الملك المجاهد أسد الدين شيركوه بالمدرسة التي أنشأها بباطن حمص رحمهالله ، وكان ملكا جليلا حازما خبيرا مدبرا ، متيقظا شجاعا ساوسا ، علي الهمة ، كبير النفس أبيها له باطن وغور وتحيل ودهاء ، وتأتي في بلوغ مقاصده وأغراضه ، وافر العقل قليل البسط والحديث مقيدا لألفاظه ، ملازما للناموس في سائر أوقاته حتى في خلوته مع غلمانه وخواصه ، يحذو في ذلك حذو الملك الصالح نجم الدين ، ولما توفي إلى رحمة الله ، وجد له من الصين المصري ، والدراهم ، والجواهر ، والذخائر ما يعظم خطره ، ويكثر بعضه على مثله ، ولم يخلف ولدا ، وتسلم الملك الظاهر سائر بلاده ، وحواصله