له فراسلهما ، وجعل ذلك وسيلة إلى إرساله قصاده إلى التتر ، ثم طلب إذنا ثانيا أن يبعث إلى بلاد الروم جواسيس يكشفون له أخبار التتر ، ويطالعونه بها ليكون المسلمون على يقظة منهم ، فأجابه إلى ذلك وكل ذلك وسيلة إلى مراسلتهم لحقد كامن في صدره للملك الناصر ، بسبب أخذه حمص منه ، ولم تزل كتبه واردة على الملك الناصر بما يحدث له الرهبة ، وكتب التتر تصل إليه بما يعتمده من تثبيط عزم الملك الناصر ، ولما استولت التتر على حلب ، خرج مع الملك الناصر من دمشق يوم الجمعة خامس عشر صفر سنة ثمان وخمسين إلى الصنمين ، ثم فارقه منها وتوجه إلى تدمر وقصد هولاكو ، وهو على قلعة حلب يحاصرها ، فأقبل عليه هولاكو وأمره بالحديث مع أهل قلعة حلب ، فتوسط بينه وبينهم حتى سلموها في تاسع ربيع الأول سنة ثمان وخمسين ، وبقي عنده يسفر بينه وبين من في القلاع حتى سلمها له ، فلما أراد هولاكو العود إلى بلاده ولاه الشام بأسره نيابة عنه ، وأعاد إليه حمص مع تدمر ، والرحبة ، وغيرها مما كان في يده ، ولما توجه الملك الناصر إلى هولاكو نزل عليه في طريقه ، فلم يلتفت إليه ولا احتفل به ، وأغلظ له في التوبيخ والتقريع ، ولما عزم الملك المظفر قطز رحمهالله على لقاء التتر كتب إليه كتابا يسفه رأيه فيه على ما اعتمده من ميله إلى التتر ، وانحيازه إليهم واختياره لهم على المسلمين ، ويعده أنه متى خرج عنهم ومال إليه بشرط أن يقاتل معهم إذا كان بينه وبينهم مصافا أبقى عليه ما في يده من البلاد ، فأجابه إلى ذلك ، ولما عزم كتبغا على لقاء الملك المظفر رحمهالله طلبه إليه ، فاعتذر وتمارض ، وبعث ابن عمه الملك المعظم ، وصارم الدين أزبك الحمصي مقدم عسكره ، فلما منّ الله تعالى بكسرة التتر وهرب من كان من أتباعهم كان الملك الأشرف بدمشق ، فهرب مع الزين الحافظي ونواب التتر بدمشق ، فلما وصلوا قارا فارقهم وتوجه إلى تدمر ، وراسل الملك المظفر ، فحلف له على ما كان بيده من البلاد خلا تل باشر ، ثم وصل دمشق وافدا على الملك المظفر رحمهالله فأكرمه ، وتقدم إليه