رجلان غليظان فيقتلانه ، ويأخذان لباسه ، وما معه فكانوا ينتقلون من مكان إلى مكان خوف الشعور بهم إلى أن سكنوا خارج باب الشعرية على الخليج ، فاتفق أن كان بالقاهرة ماشطة مشهورة فجاءتها العجوز ، وقالت لها : عندنا امرأة قد زوجناها ونريد منك أن تدبري أمرها وتزينيها أحسن زينة ، وتجمليها بما تقدرين عليه من الثياب والحلي ، ونحن نعطيك مهما أحببت ، وواعدتها على أن تسير إليها ليلا ، فحملت الماشطة ما تيسر عندها من الحلي والثياب مع جارية لها وخرجت إليهم فدخلت عندهم وانصرفت الجارية ، فلما دخلت قتلت وأبطأ خبرها على الجارية فجاءت إلى الدار وطلبتها فأنكروها ، فوشت بهم إلى الوالي بالقاهرة ، فركب إلى الدار وهجمها ، فوجد فيها الصبية والعجوز فأخذهما وتوعدهما ، فأقرا على أنفسهما ، وعلى رجلين آخرين فحبسهما فسمع بهما أحد الرجلين فأتى إلى الحبس يتفقد أمرهما ، فشعر به ، فقبض عليه وعوقب كثيرا حتى أقر ، ودل على رفيقه ، وكان أحد رفيقيه رجلا في جوارهم له قمين يحرق فيه الطوب ، فكان يلقي فيه من يقتلوه فيحترق ولا يشعر به أحد ، وأظهروا من الدار حفيرة مملوءة قتلى منهم من اضمحل واختلط برفيقه ، ومنهم من هو حديث العهد بالقتل ، فأخذوا فطالعوا السلطان على أمرهم فأمر بتسميرهم تحت القلعة ، فسمروا الخمسة في يوم واحد ، وشفع عند السلطان في المرأة بعد تسميرها بيومين بعض الأمراء ممن لا يمكن رده ، فأمر بإطلاقها ففكت مساميرها وأطلقت فلم تقم إلا أياما وماتت.
ومن عجيب النوادر المستظرفة أنهم كانوا قد أخذوا طبيبا مشهورا بالقاهرة ليبصر لهم مريضا ، فلما دخل إليهم قتلوه ، فلما سمر أحدهم قال للنجار : ارفق بي فإني مريض فقال له : فآتيك بطبيب آخر ، ولما سمروا عمد بعض عوام البلد إلى دارهم التي فيها القتلى فهدمها ، وبنى مكانها مسجدا حسنا له صومعه.