والده بعد وفاته ، وبقي إلى سنة ست عشرة وستمائة ، فاتفق مع الملك الفائز سابق الدين إبراهيم ابن الملك العادل على الملك الكامل ، واستحلف جماعة من العسكر ، وكان مطاعا فيهم ، وعرف الملك الكامل فرحل إلى اشمون ، وعزم على التوجه إلى اليمن ، ويئس من البلاد ، واطلع على ذلك الملك المعظم فقال له : لا بأس عليك ، وركب آخر النهار ، وجاء إلى خيمة ابن المشطوب ، وقال : قولوا لعماد الدين يركب حتى نسير ، فأخبروه ، فخرج من الخيمة بغير صباغات ، وركب ولحق الملك المعظم ، فأبعد به عن العسكر ، وقال له : الملك الأشرف قد طلبك ، وهو محتاج إليك فتسير إليه الساعة ، فقال : ما في رجلي صباغات ، فقلع الملك المعظم صباغاته وأعطاه إياها ، ووكل به جماعة ، وأعطاه خمس مائة دينار ، وقال كل مالك يلحقك ، والله ما يضيع لك خيط واحد ، وسار به الموكلون ، ورجع الملك المعظم إلى خيمته ، فوقف حتى جهز خيله وغلمانه وثقله ، ولم يبق له خيطا واحدا ، وساروا خلفه ، وعاد الملك المعظم إلى دهليزه فحضر إليه الملك الكامل وقبّل رجله وشكره على ما فعل ، وأما عماد الدين فوصل إلى حماة فأقام بها ، فبعث له الملك الأشرف منشورا بأرجيش وغيرها ، وسير إليه الخلع والانعام ، فسار إليه فأكرمه وأحسن إليه ، فصار يركب بالشبابة ، ويعمل في السلطنة أعظم مما يعمل الملك الأشرف ، ثم خامر على الملك الأشرف ، وعاث في بلاده ، وساعده صاحب ماردين ثم اتفق الملك الأشرف ، وصاحب ماردين واصطلحا.
فدخل عماد الدين تل أعفر ، فسار إليه فارس الدين بن صبرة من نصيبين ، وبدر الدين لؤلؤ من الموصل فحضراه ، وأنزله بدر الدين لؤلؤ بالأمان ، وحمله إلى الموصل ثم بعده مدة قريبة قيده وحمله إلى الملك الأشرف فألقاه في الجب وبقي فيه إلى أن مات رحمهالله في شهر ربيع الآخر سنة تسع عشرة وستمائة بحران ، وبنت له ابنته قبة على باب مدينة رأس عين ، ونقلته من حران إليها ودفنته بها رحمهالله ، وكانت ولادته