جعل تلك الورقة فيه تذكره بما له من الودائع ، ورام بذلك التقرب إلى السلطان ، وضرر أولئك القوم لإحن قديمة بينه وبينهم ، وأظهر ذلك الخاتم ، وجرى في أمره خطوب آخرها أنه اتضح أمره فأهين الكمال وصفع ، فقال فيه بعض الأدباء :
ما وفق الكمال في افعاله |
|
كلا ولا سدد في أقواله |
يقول من أبصره يصك تأ |
|
ديبا على ما كان من محاله |
قد كان مكتوبا على جبينه |
|
فقلت لا بل كان في قذاله |
ثم حبس ، وكان في الحبس شخص يدعى أنه ولد الأمير الغريب وكان ورد إلى إربل في أيام الإمام الناصر شخص يسمى الأمير الغريب ، ويزعم أنه ولد الامام الناصر ، ثم توفي في سنة أربع عشرة وستمائة ، فادعى هذا الشخص أنه ولده ، وكانت الشهرزورية أرادت مبايعته بغزة ، فلما تبدد شملهم للأسباب التي تقدم شرحها من استيلاء التتر على الشام وغير ذلك ، أمسك هذا الشخص العباسي ، واعتقل ، فلما اعتقل الكمال معه وجمعهما الحبس ، تحدث الكمال معه على أن يسعى له في اتمام ذلك الأمر الذي كان الشهرزورية راموا فعله ، ويكون الكمال وزيره فاتفق موت العباسي ، فلما خرج الكمال سعى في اتمام الأمر لابنه ، وتحدث في ذلك مع جماعة من الأعيان وغيرهم ، وكتب مناشير وتواقيع ، واتخذ بنودا شعار الدولة ، فنمى الخبر إلى الملك الظاهر ، وكان وزيره الصاحب بهاء الدين ، وقاضي قضاة الديار المصرية تاج الدين عبد الوهاب ، وله المكانة العلية والوجاهة العظيمة ، والكلمة المسموعة ، وكلاهما من أشد الناس عداوة وبغضا للكمال لذاته وتوثبه ، ولكونه من أصحاب القاضي بدر الدين السنجاري ، والمعروفين به ، فحصل التحريض عليه فشنق بالديار ، والتواقيع والبنود معلقة في عنقه ، وذلك في ثامن عشر جمادى الآخرة من هذه السنة رحمهالله.