وكان ورود العسكر المصري إلى دمشق في ثالث صفر ، واستقرت العساكر الظاهرية بدمشق ، وأقيمت الخطبة بها وببلادها وبحماة ، وحمص ، وحلب للملك الظاهر ، وكان قبل ورود العسكر المصري قد سير الملك المنصور صاحب حماة وهو مقيم بدمشق ابن عمه الأمير ناصر الدين محمد ابن الملك المسعود عثمان ابن الملك المنصور ، وكانت منزلته عاليه عنده ، رسولا إلى الملك الظاهر ، فأنزل باللوق وأكرم إكراما كثيرا وأجيب بما طاب به قلب الملك المنصور ، ورجع إلى صاحبه مكرما ، وكان ناصر الدين هذا متميزا عنده فضيلة ، وله نظم جيد منه :
لله در عصابة تغشى الوغى |
|
تهوى الخياطة لا إليه تنتمي |
ذرعوا الفوارس بالوشيج وفصلوا |
|
بالمرهفات وخيطوا بالأسهم |
ذكر خروج الأمير شمس الدين البرلي والعزيزية
من دمشق على حمية واستيلائهم على حلب
لما استقرت العزيزية مع مقدمهم الأمير شمس الدين بدمشق ، وكان التتر قد نازلوا البيرة وضايقوها من غير محاصرة ، والأمير علاء الدين البندقداري مقيم بدمشق ، وقد جرد إلى حلب الأمير فخر الدين الحمصي مقدما ، وصحبته جماعة من الأمراء ، فوصلوا حلب ، وحكم الأمير فخر الدين فيها ، وضم بها شمل الرعية ، وتوجه الملك المنصور والملك الأشرف إلى بلديهما ، واشتدت مضايقة التتر البيرة ، فكتب فخر الدين الحمصي إلى الملك الظاهر ، وطلب إنجاده على التتر ، فكتب الملك الظاهر إلى البندقداري بأن يكون على أهبة السير إلى حلب بجميع من عنده من العسكر ، وأن يقبض على شمس الدين البرلي ، وبهاء الدين بغدي ، وعلى جماعة من العزيزية والناصرية ، وبلغ ذلك هؤلاء الأمراء ، واتفق رأيهم على الخروج من دمشق يدا واحدة على حمية ، وأن يتوجهوا إلى حلب ، ويقبضوا على فخر الدين الحمصي ، ويقيموا في تلك الجهات