عندي من حوادث هذه السنة ، وقد ذكر القاضي جمال الدين محمد ابن واصل بعض الحوادث المتقدمة على وجه آخر ربما هو أتم من ذلك فذكرت ما قاله واثبته هنا والله اعلم.
قال القاضي جمال الدين أبو عبد الله محمد بن واصل في حوادث هذه السنة : لما وصل عسكر حلب ، وحماة إلى حمص على ما تقدم شرحه في حوادث سنة ثمان وخمسين اجتمعوا بالملك الأشرف صاحبها ، وعزم عسكر حلب على التوجه إلى دمشق ، وقارب التتر حمص ، فلام الملك الأشرف الجوكندار على هذا الرأي وقال له : ما يقال عنا في البلاد وبأي وجه نلقى صاحب مصر ، وأخذ في تثنيته هو وصاحب حماة وحرضاه على لقاء العدو ، وكان قد وقع بين الجوكندار وبعض خشداشيته منافرة من أجل الأموال التي أخذت من ابن صاحب الموصل فما زال بهم الملك الأشرف ، والملك المنصور حتى أصلحا بينهم ، ووصل التتر فحمل عليهم المسلمون يوم الجمعة خامس المحرم ورزقهم الله النصر عليهم ، فبددوا شملهم ، وأخذتهم سيوف المسلمين ، وكان فيهم جماعة من شجعان المغل.
قال مبارز الدين استاذدار صاحب حماة كان من بهادرية المغل في هذه الوقعة أكثر من الذين كانوا منهم في وقعة عين جالوت بالغور ، وانهزم من سلم من التتر ، والمسلمون في آثارهم ...
ولما بلغ خبر هذه الوقعة إلى حماة ، وكان بها جماعة يميلون إلى التتر ، وربما أراد بعضهم أن ينقب من السور إليهم موضعا يدخلون منه إلى البلد ، فثار أهل حماة عليهم ، فقتلوا بعضهم ، منهم رجل من أطراف الناس يقال له ابن دخان فقتلته العامة ، واعتقل بعضهم ووصل الملك المنصور إلى حماة ، وبعد هذه الوقعة رجع التتر ونازلوا حماة ، وكانت قواهم تضعف لقلتهم ، والرعب الذي داخلهم عن المقام على حصار البلد ، فرحلوا ولم يقيموا إلا يوما واحدا ، وأراد الملك المنصور السفر إلى دمشق ليستصحب عسكرا يتقوى به على التتر ، فمنعه العامة من ذلك