ويعترف أنه لو لا اهتمامك لإتسع الخرق على الراقع ، وقد قلدك الديار المصرية ، والبلاد الشامية ، والديار البكرية ، والحجازية ، واليمنية ، والفراتية ، وما يتجدد من الفتوحات غورا ونجدا وفوض أمر جندها ورعاياها إليك حين أصبحت بالمكارم فردا ، ولا جعل منها بلدا من البلاد ولا حصنا من الحصون مستثنى ولا جهة من الجهات تعد في الأعلى ولا في الأدنى.
فلاحظ أمور الأمة فقد أصبحت لها حاملا ، وخلص نفسك من التبعات اليوم ففي غد تكون مسؤولا عنها لا سائلا ، ودع الاغترار بأمر الدنيا فما نال منها طائلا ، وما رآها أحد بعين الحق إلا رآها خيالا زائلا ، فالسعيد من قطع منها آماله الموصولة ، وقدم لنفسه زاد التقوى ، فتقدمه غير التقوى مردودة لا مقبولة ، وابسط يدك بالإحسان والعدل فقد أمر الله بالعدل والإحسان ، وكرر ذكره في مواضع من القرآن ، وكفر به عن المرء ذنوبا كتبت عليه وآثاما ، وجعل يوما واحدا منه كعبادة العابد ستين عاما ، وما سلك سبيل العدل إلا واجتنيت ثماره من أفنان ، ورجع الأمن بعد تداعي أركانه مشيد الأركان ، وتحصن من حوادث الزمان فكانت أيامه في الأنام أبهى من الأعياد ، وأحسن في العيون من الغرر في أوجه الجياد ، وأحلى من العقود إذا حلى بها عطل الأجياد ، وهذه الأقاليم منوطة بنظرك تحتاج إلى نواب وحكام ، وأصحاب رأي من أصحاب السيوف والأقلام ، فإذا استعنت بأحد منهم في أمورك فنقب عليه تنقيبا ، واجعل عليه في تصرفاته رقيبا ، وسل عن أحواله ففي يوم القيامة تكون عنه مسؤولا وبما اجترم مطلوبا ، ولا تول منهم إلا من تكون مساعيه حسنات لك لا ذنوبا ، ومرهم بالأناة في الأمور والرفق ومخالفة الهوى إذا ظهرت لهم أدلة الحق ، وأن يقابلوا الضعفاء في حوائجهم بالثغر الباسم ، والوجه الطلق وأن لا يعاملوا أحدا على الإحسان والإساءة إلا بما يستحق ، وأن يكونوا لمن تحت أيديهم من الرعية إخوانا ، وأن