متجددات الاحوال في هذه السنة
في المحرم منها جاء الخبر إلى دمشق بجفل أهل حلب ، وما والاها ، وسبب ذلك تجمع التتار الذين كانوا بحران وغيرها من بلاد الجزيرة وانضم إليهم من سلم من كسرة عين جالوت ، وضعفوا لشدة الغلاء عندهم ، فألجأتهم الضرورة إلى الغارة على بلد حلب ، فأجفل الناس من بين أيديهم.
وفيها في أوائل المحرم كانت كسرة التتار على حمص ، وكانوا في ستة آلاف فارس ، فلما وصلوا حمص وجدوا عليها الأمير حسام الدين الجوكندار العزيزي ، ومن معه ، والملك المنصور صاحب حماة ، والملك الأشرف صاحب حمص في ألف وأربعمائة فارس ، فحملوا على التتار حملة رجل واحد فهزموهم ، وقتلوا منهم مقتلة عظيمة ، وهرب بيدرة في نفر يسير ، وأتى القتل على معظمهم ، وكانت الوقعة عند قبر خالد بن الوليد رضياللهعنه ، ولما عاد فل التتار إلى حلب أخرجوا من فيها من الرجال والنساء ولم يبق إلا من اختفى خوفا على نفسه ، ثم نادوا من كان من أهل حلب فليعتزل ، فاختلط على الناس أمرهم ، ولم يعلموا المراد فاعتزل بعض الغرباء مع أهل حلب ، وبعض أهل حلب مع الغرباء ، فلما تميز الفريقان أخذوا الغرباء وساروا بهم إلى ناحية بابلى ، فضربوا رقابهم وكان فيهم من أهل حلب جماعة من أقارب الملك الناصر ، رحمهالله ، ثم عدوا من بقي من أهل حلب ، وسلموا كل طائفة منهم إلى رجل من الأكابر ضمنوهم له ، ثم أذنوا لهم في العود إلى البلد ، وأحاطوا بها ولم يمكنوا أحدا من الخروج منها ، ولا من الدخول إليها أربعة أشهر ، فغلت الأسعار ، وبلغ رطل اللحم سبعة عشر درهما ، ورطل الشيرج سبعين درهما ، ورطل الأرز عشرين درهما ، ورطل حب الرمان ثلاثين درهما ، ورطل السكر خمسين درهما ، والحلواء كذلك ، ورطل العسل ثلاثين درهما ،