ابن الشيخ مريضا فلم يفعل ، وتوجه أسد الدين إلى حمص ، فلما كان يوم الثلاثاء سادس عشرين ربيع الأول بعث الجواد إلى عماد الدين يقول : إن شئت أن تركب تتنزه فاركب إلى ظاهر البلد ، فاعتقد أن ذلك بوادر رضا ، فلبس فرجية كان الجواد بعث إليه بها ، وشدوا له حصانا بعث به إليه ، فلما خرج من باب الدار قابله واحد واقف وبيده قصة ، فاستغاث فأراد حاجبه أن يأخذها منه ، فقال لي : مع الصاحب شغل ، فقال عماد الدين : دعوه فتقدم إليه ، فناوله القصة ، وضربه بسكين على خاصرته ندر مصارينه ، وجاء آخر فضربه على ظهره ، فمات فردوه إلى الدار ميتا ، وبعث الجواد فأخذ جميع مال عماد الدين ، وخيله ومماليكه ، وكتب محضرا أنه ما والى على قتله ، فامتنع مماليك ابن الشيخ من خدمة الجواد ، وقالوا : أنت تدعي أنك ما قتلته ، وهو له إخوة وورثة فبأي طريق تأخذ ماله؟ فحبسهم.
قال سعد الدين : وبعث الجواد إلى والدي تاج الدين ، وقال اطلع فجهز ابن أخيك ، قال : فجهزناه وأخرجناه ، وكانت له جنازة عظيمة ، لأنه قتل مظلوما ، وحملناه إلى قاسيون ، فدفناه في زاوية الشيخ سعد الدين وخيطنا جراحاته ، وصلى عليه سعد الدين ابن عمه.
قال سعد الدين بن تاج الدين ورثيته ببيتين فقلت :
فبعدك لا رقت عبرات عين |
|
بأحزان ولا سكن الغرام |
ولا هدأت جوانحنا قليلا |
|
على فقدان مثلك والسلام |
قال وكان له يوم مات ست وخمسون سنة
قال وكتب على تقويم
إذا كان حكم النجم لا شك واقع |
|
فما سعينا في دفعه بنجيح |
وإن كان بالتدبير يمكن رده |
|
علمنا بأن الكل غير صحيح |