الناصر إلى العزيز ، فرحل إلى بانياس ، وما عاد إلى دمشق إلّا مع الكامل ، فإنه سار إليه والتقاه من القدس ، وقال : أنا آخذ لك دمشق ، وأعطاه مالا ، وأحسن إليه ، وكان العزيز أحد الأسباب الموجبة لأخذ دمشق من الناصر ، وكذا الصالح إسماعيل ، وأيدمر ، وأما صاحب بعلبك ، فعلم بما فعل ولده ، ووقف على نشر الباب ، فيقال : إنه خنق ولده ، وقيل بنى عليه بنيانا ، وكانت وفاة العزيز يوم الإثنين عاشر رمضان ببستانه في الناعمة ، ببيت لهيا ، وحمل تابوته فدفن بقاسيون في تربة المعظم عند والدته وأهله .....
فصل
وفيها توفي مظفر الدين ابن زين الدين ، واسمه كوكبوري بن علي بن بكتكين في إربل ، قد ذكرنا مواقفه مع صلاح الدين في حطين وغيرها ، وأنه خدم صلاح الدين ، وزوجه أخته ، وملكه الشرق ، وأن أخاه زين الدين مات بالناصرة ، وطلب إربل عوض حران ، وأعطاه إياها ، وبعد موت صلاح الدين ما زال منتميا إلى بيت العادل مصافيا لهم ، حتى مال الأشرف إلى بدر الدين لؤلؤ ، وعزم على أخذ إربل منه ، فاستنجد عليه بالخليفة المستنصر فنهاه عنه ، فقدم بغداد ومعه مفاتيح إربل والقلاع ، فالتقاه الموكب ، وجلس له جلوسا عاما في صحن السلام ، وقعد في شباك المبايعة ، وحضر أرباب الدولة ، وصعد على الدرج ، وبايع الخليفة ، وطلب منه يده ليقبلها فناوله إياها ، فجعل يقبلها ويبكي ، ويقول : الحمد لله على هذا المقام ، ما وصل إليه غيري ، وخاطبه الخليفة بأجمل خطاب ، وقدم للخليفة الخيل والتحف والهدايا ، وأعطاه الخليفة أضعاف ذلك ، وخلع عليه خلعة السلطنة ، وعاد إلى إربل ، وقطع خطبة بني العادل ، واقتصر على خطبة الخليفة ، وكان كثير الصدقات غزير البر والصلات ، حكى جماعة عنه أنه كان يقول : لما أخذت إربل آليت على نفسي أن أقسم مغلها ثلاثة أقسام : قسم أنفقه في أبواب البر ، وقسم للجند