تخرج الدماشقة ليذبوا عن أملاكهم ، الأصاغر منهم والأكابر ، ويكون لقاؤنا وهم في صحبتك إلى نابلس في وقت سماه.
فجلست في جامع دمشق ، وقرأت كتابه عليهم فأجابوا بالسمع والطاعة ، وقالوا : نمتثل أمره بحسب الاستطاعة ، وتجهزوا ، فلما حل ركابه بالساحل وقع التقاعد من الأماثل لأن لكل مقام مقالا ، وللحرب رجالا وكان تقاعدهم سببا لأخذه الثمن ، والخمس من أموالهم ، والمؤاخذة على أفعالهم ، وكتب إلي يقول : إذا لم يخرجوا فسر أنت إلي وأقدم علينا ، فخرجت إلى الساحل ، وهو نازل على قيسارية ، فأقمنا حتى فتحها عنوة ، ثم سرنا إلى النقر ، ففتحه وهدمه ، وعاد إلى دمشق بعد أن أخرب بلاد الفرنج.
فصل
وفيها ألبس زكي الدين القباء والكلوتة وكان في قلبه منه حزازات ، كان منعه من إظهارها حياؤه من العادل ، وخوفه من الشناعات ، وكان يشكو إليّ مرارا ويقول إنه لا ينفذ الأحكام ، ولا يقيم معالم الاسلام قال : وكنت أقول له : يا قاضي أما قد ثبت عندك هذا الأمر؟ فيقول : بلى ، فأقول : فلم لا تحكم به؟ فيقول : ما أحكم ، واتفق موت العادل ، ومرض ست الشام عمة الملك المعظم ، وكانت قد أوصت بدارها مدرسة ، وأحضرت زكي الدين والشهود وأشهدتهم عليها ، وأوصت إلى القاضي ، وبلغ المعظم فعز عليه ، وقال : يحضر إلى دار عمتي بغير إذني ، وسمع كلامها هو والشهود ، ثم اتفق أن القاضي أرسل إلى أخضر جابي المدرسة العزيزية ، وطلب منه حسابها ، فأغلظ له في القول ، فأمر بضربه ، فضرب بين يديه كما تفعل الولاة ، فوجد المعظم سبيلا إلى إظهار ما كان في نفسه ، وكان الجمال المصري وكيل بيت المال عدو القاضي ، فجاء فجلس عند القاضي في مجلس الحكم والشهود حاضرون ، والناس فبعث المعظم مع صديق غلام عماد الدين بن موسك ببقجة فيها : قباء ، وكلوتة ، وأمره أن