السنة السادسة وستمائة
وفيها نزلت الكرج على خلاط ، وبها الملك الأوحد بن العادل في عسكر خلاط ، وجاء ملك الكرج ، ويقال له إيواني في خلق عظيم وتحصن الأوحد في القلعة ، وحصر أبواب البلد وضايقه وأشرف على أخذه ، فأصبح ذات يوم فقال له منجمه : البشارة لي ، قال : وكيف؟ قال : ما تبيت الليلة إلا في قلعة خلاط ، فشرب الخمر حتى ثمل وركب في جيوشه ، وقصد باب أرجيش ، وخرج إليه المسلمون فقاتلوه ورأوا ما لا قبل لهم به ، فبينما هم كذلك إذ عثر به جواده فقتل عليه جماعة من خواصه ، وأخذ أسيرا فحمل إلى القلعة فبات بها ورحل الكرج عن البلد ، وفرج الله عن أهله ، ثم اتفق مع الأوحد على أن يرد إيواني ما فتح من بلاد المسلمين ، ويطلق الأسارى ومائة ألف دينار ، ويزوج إيواني ابنته من أخي الأوحد ، وقيل إنما كانت وقعة إيواني بعد حصار سنجار في سنة سبع وستمائة (١).
وفي ربيع الأول نزل العادل على سنجار بعساكر الشام ، ومصر ، وديار بكر ، وحلب ، ومعه أولاده ، وأقام بضربها بالمناجيق إلى رمضان ، ولم يبق إلا تسليمها فأرسل الظاهر أخاه المؤيد يشفع في السنجارية فلم يشفعه ، ومات المؤيد في هذه السنة ، وكره المشارقة مجاورة العادل فاتفقوا عليه وصاحب إربل وأرسل الخليفة إلى ابن الضحاك ، وآقباش يشفع إلى العادل فيهم ، وتقاعد العسكر عن القتال ، وخذله صاحب حمص ، فرحل بعد أن أخذ نصيبين ، والخابور ، ونزل حران وفرق العساكر ، وعزم صاحب إربل ، والموصل ، وماردين ، والجزيرة ، وحلب على قتال العادل ، ثم صالحوه ، واتفقوا.
وحج بالناس من العراق ياقوت ، ومن الشام فخر الدين إياس الشمامي ......
__________________
(١) ـ انظر الموسوعة ج ٥٩ ـ ص ١٣٤.