بعد ذلك على نية الاقامة عسى أن أكون رفيقهم في دار الإقامة ، وأنشدت بلسان الظاهر والباطن أقول :
فألقت عصاها واستقر بها النوى
فصل
وفيها كانت كسرة المواصلة سار نور الدين صاحب الموصل إلى تل أعفر ، ففتحها بالسيف ، وكانت لقطب الدين ابن عماد الدين صاحب سنجار ، فاستنجد قطب الدين بالملك الأشرف ابن العادل ، فجاء ومعه سنجر شاه صاحب الجزيرة ، والصالح صاحب آمد ، والأوحد أخو الأشرف صاحب ميافارقين في عساكر ديار بكر ، واجتمعوا في خلق عظيم ، وكان صاحب الموصل نازلا على كفر ذمار في عسكر الموصل لا غير ، وكان الحر شديدا والأشرف على يوسري في ألوف ، فساق عليهم نور الدين في أول مرة ، ثم كانت الكسرة عليه لسوء تدبيره ، لأنهم كانوا أضعافهم مستريحين وهو متعوب عطشا فانهزم وأسروا جماعة من أمرائه منهم : المبارز سنقر ، الجبلي ، وولده الظهير غازي ، وذلك في يوم السبت تاسع عشر شعبان ، ودخل نور الدين الموصل وتحصن بها ، واستعد للحصار ، وجاء الأشرف فنزل كفر ذمار ، وتراسلا واصطلحا في آخر ذي الحجة ، وأطلق الأمراء الذين أسرهم إلا المبارز سنقر ، وولده الظهير غازي فإنهما أقاما في سجن حران مدة حتى شفع فيهما قطب الدين بن زين الدين فأطلقهما وتزوج الأشرف أخت نور الدين صاحب الموصل.
فصل
وفيها وثب ناصر الدين بن أرتق صاحب ماردين على عمه زوج أمه نظام الدين ، وغلامه لؤلؤ فألحقهما بالهالكين ، واستولى ، وكانا قد حكما عليه وقترا الرزق عليه ، وكان ناصر الدين وأخوه حسام الدين نازلين بحرزم لا يمكنهما النظام ولؤلؤ من سكنى القلعة ، ويقال إن لؤلؤ دس