قلت : وحكى لي الملك المعظم عيسى رحمهالله قال : لما رجعنا من باب الفراديس ، ووصلنا إلى باب مدرسة الحنابلة رمى على رأس أبي حب الزيت فأخطأه ، ووقع في رقبة الحصان فوقع الحصان ميتا ، فنزل أبي وركب غيره ، ولم ينطق بكلمة ، وجاء جهركس وقراجا في الليل من جبل سنير فدخلا دمشق ، وأما المواصلة ، فساقوا على الملك الكامل فرحلوه من ماردين ، فجاء يقصد دمشق ، وجمع التركمان ، وأما دمشق فإنه لما اشتد الحصار عليها قطعوا أشجارها ، ومياهها الداخلة إليها ، وانقطعت عن أهلها الميرة ، وضجوا فبعث العادل إلى الظاهر يقول : أنا اسلم إليك دمشق على أن تكون أنت السلطان ، وتكون دمشق لك لا للأفضل ، فطمع الظاهر فأرسل إلى الأفضل يقول : أنت صاحب مصر ، فآثرني بدمشق ، فقال : دمشق لي من أبي ، وإنما أخذت مني غصبا فلا أعطيها لأحد ، فوقع الخلف بينهما ووقع التقاعد ، وخرجت السنة على هذا.
ولما مات العزيز كتب الفاضل إلى العادل يعزيه يقول : حياة طيبة تقف فيها المواقف الجسيمة ، وتنقلب عنها بالأمور السالمة ، والعواقب الرحيمة ، ولا نقص الله له عددا ولا أعدمه نفسا ، ولا ولدا ، ولا كدر له مشربا ولا موردا ، وأعظم أجره في ولده العزيز رحمهالله على ذلك الكريم ونضره ، وإلى سبيل الجنة يسره وكتب فيها :
وإذا محاسن وجهه بليت |
|
فعفا البلى عن وجهه الحسن |
قال وكان مدة مرضه بعد عوده من الفيوم مدة اسبوعين ، فأحرق القلب وأجرى العين ، قلت وهذا البيت من أبيات أولها :
إنى أرقت وذكر الموت أرقني |
|
فقلت للدمع : أسعدني فأسعدني |
إني أظن البلى لو كان يعرفه |
|
عف البلى عن بقايا وجهه الحسن |
فصل
وفيها توفي الملك المنصور الغازي المجاهد أبو يوسف يعقوب بن يوسف بن عبد المؤمن صاحب المغرب ، الذي كسر ألفنش على الزلاقة ،