نجابا من عند جهركس إلى من في دمشق بهذا المعنى ، ومعه كتب فأخذها منه ، وقال : ارجع فرجع إلى مصر ، ولما وصل الأفضل إلى مصر التقاه الأسدية ، ورأى جهركس النجاب فقال : ما أسرع ما عدت فقال له الخبر ، فساق هو وقراجا إلى القدس فتحصنا به ، ثم أشارت الأسدية على الأفضل بقصده دمشق ، وأن العادل مشغول بماردين فكتب إلى الظاهر فأجابه ، وقال : اقدم حتى أساعدك.
ذكر حصار دمشق
فقام الأفضل وسار بالعساكر إلى الشام واستناب بمصر سيف الدين يازكش ووصل إلى دمشق فأحدق بدمشق وبلغ العادل وهو على ماردين ، وقد أقام عليها عشرة أشهر ولم يبق إلا تسليمها وصعدت أعلامه على القلعة ، وسمعوا بوفاة العزيز فتوقفوا ، فرحل عنها وترك ولده الكامل محمدا عليها ، وجاء العادل ، ومعه دلدرم ، وابن المقدم وجماعة من الأمراء ، وكان الأفضل نازلا في الميدان الأخضر ، فأشار عليه جماعة من الأمراء أن يتأخر إلى مشهد القدم ، حتى يصل الظاهر ، وصاحب حمص والأمراء ، وكانت مكيدة ، فتأخر إلى مشهد القدم ، ودخل العادل ، ومن معه من العسكر إلى دمشق ، وجاء الظاهر بعسكر حلب ، وجاء عسكر حماة ، وحمص ، وبشارة من بانياس ، وعسكر الحصون ، وسعد الدين مسعود صاحب صفد ، وضايقوا البلد ، وكسروا باب السلامة ، وجاء آخرون إلى باب الفراديس ، فيقال ان الناصح ابن الحنبلي ، وأخاه الشهاب وأصحابهما كسروا باب الفراديس ، وكان العادل في القلعة قد استأمن إليه جماعة من المصريين مثل ابن كمدان ، وقيماز الجمدار الخادم ، وبلغه فركب وخرج إليهم ، وجاء إلى جيرون والمجد أخو الفقيه عيسى قائم على فرسه يشرب الفقاع ، فصاح العادل «يا فعلة يا صنعة» إلى ههنا ، فخرجوا وأغلق باب السلامة وجاء إلى باب الفراديس ، فوجدهم قد كسروا الأقفال بالمرزبات ، فقال : من فعل هذا؟ قالوا : الحنابلة ، فسكت ولم يقل شيئا.