تعرف اليوم بتربة جورة ولما قدمت الشام سنة ثلاث وستمائة كانت جورة ، باقية وكانت صالحة عابدة.
فصل
وفيها توفي القاضي أبو القاسم قاضي حماة ، واسمه الحسين ، بن حمزة ابن الحسين كان فاضلا جوادا سمحا لا ينزل قدره عن النار ، يضيف الخلائق من الخاص والعام ، وما اجتمع أحد بحماة من الأكابر إلا وأضافه ، وكان صلاح الدين يحبه ، وكذا العادل وتقي الدين ، وبلغني أن العادل اجتاز بحماة فأرسل إلى القاضي يقول له : أريد الحمام خلوة ، فأخلاه فما خرج العادل من الحمام إلا وقد جهز له من الفواكه ، وكان قد تزوج بدمشق خطلخ خاتون بنت سودكين فأولدها ابنة وسماها زينب ومات القاضي وهي صغيرة ، فلما بلغت تزوجها رجل من أهل حماة يقال له اسماعيل بن العرباض ، ثم مات عنها ، قلت فتزوجتها في سنة عشرين وستمائة وتوفيت في سنة ثلاث وأربعين وستمائة وأنا ببغداد ، فدفنوها بتربتي بقاسيون ، وخلف أبو القاسم ولدا ذكرا ، وللولد أولاد ، ومات القاضي وهو على قضاء حماة رحمهالله تعالى.
وفيها توفي الأمير سليمان بن جندر من أكابر أمراء حلب ومشايخ الدولتين النورية والصلاحية ، وهو والد صديقنا علم الدين بن سليمان ، وشهد سليمان مع السلطان حروبه كلها ، وهو الذي أشار بخراب عسقلان لتتوفر العناية على حفظ القدس ، ولما صعد السلطان إلى القدس مرض سليمان فطلب المسير إلى حلب فأذن له السلطان ، فسار فتوفي بغباغب في أواخر ذي الحجة وحمل إلى حلب فدفن بها.
وفيها توفي حسام الدين محمد بن عمر بن لاجين ، ابن أخت صلاح الدين صاحب نابلس ، واسمها ست الشام ، وكان شجاعا مقداما جوادا ، توفي ليلة الجمعة تاسع رمضان بدمشق ، وبينه وبين وفاة تقي