العشرة جوادا مهيبا متعصبا للناس عند السلطان ، ويقضي حوائجهم ، وكان قد صحبه صبي من المسلمين اسمه عمر ، وكان حسن الصورة فأحسن إليه ، وكان الموفق يحب أهل البيت ، ويبغض ابن عنين الشاعر لخبث لسانه ولقبح هجائه وثلبه لأغراض الناس ، ويحرض السلطان على نفيه من البلاد ، وقال اليس هو القائل :
سلطاننا أعرج وكاتبه |
|
أعمش والوزير منحدب |
فهجاه ابن عنين وقال :
قالوا الموفق شيعي فقلت لهم |
|
هذا خلاف الذي للناس منه ظهر |
فكيف يجعل دين الرفض مذهبه |
|
وما دعاه إلى الاسلام غير عمر |
وكان الموفق يعود الفقراء المرضى ، ويحمل إليهم من عنده الأشربة والأدوية حتى أجرة الحمام ، وزوجه السلطان بجارية له يقال لها جورة ، وكانت من حظايا السلطان ، ونقل معها جهازا عظيما ، وقال ليلة عرسها احملوا إليه المطبخ ، فنزل الموفق جامع دمشق ليصلي العصر ، فجاء إليه صوفية الخانكاه وطلبوا منه سماعا بالخانكاه ، فقال : سمعا وطاعة ، وقام فدخل إلى الخانكاه الصميصاطي واستدعى مطبخ السلطان من دار العقيقي ، وأحضر المغاني والحلاوة الكثيرة إلى الخانكاه ، ونزلت العروس مع حظايا السلطان إلى دار العقيقي ، فأقمن طول الليل ، وهو عند الصوفية ، وهم يرقصون ، وما علموا أنها ليلة عرسه فاستحى أن يعرفهم ، فلما كان في آخر الليل قيل للصوفية : ايش عملتم الرجل الليلة عريس على جارية السلطان ، والساعة يبلغ السلطان فيغضب فجاؤوا إليه بأجمعهم ، واعتذروا وسألوه أن يمضي فقال : لا والله إلى الصباح ، وبلغ السلطان فقال : ألام على هذا وتقريبه ، فكانت وفاته في ربيع الأول بدمشق ، ودفن بقاسيون على قارعة الطريق عند دار زوجته جورة ، ولما مات اشترت زوجته دارا وبنت إلى جنبها مسجدا ، وبنت له تربة وهي