هذه الأماكن في أربعين يوما ، أولها ثامن عشرين جمادى الأولى وآخرها الثامن من رجب.
ذكر فتوح القدس
سار إليه السلطان فنازله يوم الأحد منتصف رجب ، وكان المنجمون قد قالوا له : تفتح القدس ، وتذهب عينك الواحدة ، فقال رضيت أن أفتحه وأعمى ، وكان قد نزل على غربيه أولا ، ثم انتقل إلى شماليه من باب العمود إلى برج الزاوية ، ومن هذا المكان أخذه الفرنج ، وكان مشحوتا بالبطارقة والخيالة والرجالة ما يزيد على ستين ألفا ، غير النساء والذرية ، فنصب عليها المناجيق وآلة القتال ، وتعلق النقابون بالسور ، وقاتل الفرنج قتالا شديدا ، فلما رأوا أن المسلمين قد ظهروا عليهم سقط في أيديهم وأيقنوا بالخذلان ، فصاحوا الأمان ، فبطل عنهم القتال واستقر الأمر على أن يخرجوا بأنفسهم وأموالهم وذراريهم ، سوى الخيل الحربية والسلاح ، بعد أن يؤدي كل واحد منهم عشرة دنانير ، وعن المرأة خمسة دنانير ، وعن الصبي أربعة دنانير ، وعن الطفل دينارا ، ومن عجز منهم كان رقيقا سيملك ، ومن أراد من النصارى الإقامة ، فليقم وتؤخذ منه الجزية ، وأقر بأيديهم القمامة ، وعينوا أماكن يزورونها ، وسلموا البلد يوم الجمعة سابع عشرين رجب ليلة المعراج ، فكان استيلاء الفرنج عليه اثنتين وتسعين سنة لأنهم أخذوه في سنة إحدى وتسعين وأربعمائة ، وفتح في هذه السنة وهي سنة ثلاث وثمانين وخمسمائة ، ودخل السلطان الصخرة وغسلها بالماورد ، وقيل غسلها بلحيته وهو يبكي ، ومحا الصور منها ، وكسر الصلبان ، وأحرق دار الداوية ، وعمر المسجد الأقصى ، وفرق الأموال التي أخذها من الفرنج ، وكانت نيفا وثلاثمائة ألف دينار على العلماء والفقهاء والصوفية ، وكان قد حضر معه هذا الفتح زهاء على عشرة آلاف عمامة من جميع الأجناس ، وتطاول جماعة من الأعيان على الخطابة ، فذكر السلطان قوله ابن زكي الدين :