السنة الثامنة والسبعون وخمسمائة
وفي المحرم سار سيف الدين طغتكين إلى اليمن ، فنزل بزبيد وبها حطان ، فأمره أن يسير إلى الشام ، فجمع أمواله وذخائره وأسبابه فنزل بظاهر زبيد ، فقبض عليه سيف الاسلام وأخذ جميع ما كان معه ، وكان قيمته ألف ألف دينار ، ثم قتله بعد ذلك ، وكان عثمان الزنجبيلي بعدن ، فلما بلغه ذلك سار إلى الشام بعد أن اثر في اليمن آثارا كثيرة ، وأوقف أوقافا ، وله مدرسة بمكة ، ورباط بالمدينة وغيرها.
وفي خامس المحرم خرج صلاح الدين من مصر ، فنزل البركة قاصدا إلى الشام ، وخرج أرباب الدولة لوداعه ، وأنشده الشعراء ابياتا في الوداع فسمع قائلا يقول في ظاهر الخيم :
تمتع من شميم عرار نجد |
|
فما بعد العشية من عرار |
وطلب القائل فلم يوجد ، فوجم السلطان ، وتطير الحاضرون فكان كما قال اشتغل السلطان بالشرق والفرنج ، ولم يعد بعدها إلى مصر ، وسار السلطان على ايلة والحسي ووادي موسى ، وكان فرخشاه بدمشق فبلغه ان الفرنج قد اجتمعوا عند الكرك لقصد السلطان ، فخرج من دمشق فنزل طبرية وعكا ودبورية فقصدوه فالتقاهم وكسرهم ، وقتل منهم ألوفا وأسر ، وساق عشرين ألفا من الأنعام وغيرها ، وفتح حصنا مشرفا على السواد على شقيف يقال له حصن جلدك ، وقتل من فيه ، وأسكنه المسلمين وجعلهم طلائع ، وساق إلى بصرى ، فالتقى السلطان عندها فسر به ودخلا دمشق في صفر.
وفيها كانت وقعة الحاجب لؤلؤ مع الفرنج ، خرج البرنس صاحب الكرك إلى ايلة فأقام بها ، ومعه الأخشاب على الجمال والصناع بعمل المراكب ، وكان قصده مكة والمدينة والغارات في البحر ، فلما تم عملها ركب فيها ووصل إلى عيذاب في بحر القلزم ، فأخذ مراكب التجار