ذكر ما جرى بعد وفاته
كان ولده الصالح لم يبلغ الحلم فأجلسوه مكانه ، وحضر القاضي كمال الدين الشهرزوري وشمس الدين بن المقدم وجمال الدين ، وريحان وهو أكبر الخدم والعدل أبو صالح ابن العجمي أمين الأعمال ، والشيخ اسماعيل خازن بيت المال ، وتحالفوا أن تكون أيديهم واحدة ، وأن شمس الدين ابن المقدم إليه تقدمه العساكر وتربية الملك الصالح ، ووصل كتاب صلاح الدين من انشاء الفاضل إلى دمشق وفيه : أدام أيام مولانا الملك الصالح ورفع قدره ، وأعظم أجر المملوك في مولانا السلطان الملك العادل وأجره ، اصدر خدمته هذه يوم الجمعة رابع عشر ذي العقدة ، وفيه أقيمت الخطبة بالاسم الكريم ، وصرح بذكره في الموسم العظيم ، والجمع الذي لا لغو فيه ولا تأثيم ، وأشبه يوم المملوك فيه أمسه في الخدمة ووفى بما لامه من حقوق النعمة ، وجمع كلمة الاسلام لعلمه أن الجماعة رحمة ، والله تعالى يخلد ملك مولانا السلطان الملك الصالح ، ويصلح به وعلى يديه ، ويديم النعماء عليه ، وذكر فصولا تتعلق بالتهنئة والتعزية.
ولما بلغ الفرنج وفاة نور الدين قصدوا بانياس طمعا في البلاد ، فراسلهم شمس الدين ابن المقدم ، وخوفهم بأس صلاح الدين ، فلم يلتفتوا فصالحهم على مال ودفعه إليهم في ذلك الوقت ، وبلغ صلاح الدين فشق عليه ، وكتب إلى شرف الدين ابن أبي عصرون يقول : لما بلغني وفاة المرحوم ، خرجت من مصر لقصد الجهاد وتطهير البلاد من أهل الكفر والعناد ، فبلغني حديث الهدية المؤذنة بذل الاسلام ، وشين شريعة المصطفى صلىاللهعليهوسلم ، وسيدنا الشيخ أولى من جرد لسانه في إنكار هذا الأمر فإن بلسانه تغمد السيوف وتتجرد الحقوق.
واما سيف الدين غازي فقد كان سار عن الموصل لنجدة عمه نور الدين ، ووصل إلى حران فبلغه وفاة عمه فاستولى على الجزيرة بأسرها ما خلا قلعة جعبر ، وكان نور الدين قد أبطل المكوس والخمور من