ثم نقل إلى مدرسته التي أنشأها مجاورة الخواصين ، ويقال إنها كانت دار عمر بن عبد العزيز ، وقيل دار سليمان بن عبد الملك ، وعاش ثمانيا وخمسين سنة ، وكانت أيامه ثمانيا وعشرين سنة وستة أشهر ، وقال عرقلة في مدرسة نور الدين :
ومدرسة سيفنى كل شيء |
|
وتبقى في نمي علم ونسك |
تضوع ذكرها شرقا وغربا |
|
بنور الدين محمود بن زنكي |
يقول وقوله حق وصدق |
|
بغير كناية وبغير شك |
دمشق في المدائن بيت ملكي |
|
وهذي في المدارس بيت هلكي |
ورثاه رحمهالله تعالى جماعة من الشعراء فقال العماد الكاتب فيه :
عجبت من الموت كيف اهتدى |
|
إلى ملك في سجايا ملك |
وكيف ثوى الفلك المستدير |
|
في الأرض والأرض وسط الفلك |
وقال أيضا :
يا ملك أيامه لم تزل |
|
لفضله فاضلة فاخرة |
ملكت دنياك وخلفتها |
|
وصرت تملك بها الآخرة |
وحكى أبو اليسر شاكر بن عبد الله قال : تعدى بعض أمراء صلاح الدين على رجل وأخذ ماله ، فجاء إلى صلاح الدين فلم يأخذ له بيده فجاء إلى قبر نور الدين فشق ثيابه وحثا التراب على رأسه ، وجعل يستغيث : يا نور الدين بن أتابك ، ويبكي ، وبلغ صلاح الدين فاستدعاه وأعطاه ماله ، فازداد بكاؤه فقال له صلاح الدين : ما يبكيك وقد انصفناك؟ فقال : انما أبكي على ملك انتصفت ببركاته بعد موته ، كيف يأكله التراب ، ويفقده المسلمون.