العادل نور الدين من دمشق إلى جسر الخشب في العسكر المنصور بآلات الحرب ، مجدا في جهاد الكفرة المشركين ، وقد كان أسد الدين قبل ذلك عند وصوله في من جمعة من فرسان التركمان غار بهم على أعمال صيدا وما قرب منها ، فغنموا أحسن غنيمة وأوفرها ، وخرج إليهم ما كان بها من خيالة الأفرنج ورجالتها ، وقد كمنوا لهم فغنموهم ، وقتل أكثرهم ، وأسر الباقون ، وفيهم ولد المقدم المولى حصن حارم ، وعادوا سالمين بالأسرى ، ورؤوس القتلى ، والغنيمة لم يصب منهم غير فارس واحد فقد ، ولله الحمد على ذلك والشكر.
وفي يوم الثلاثاء أول شهر تموز الموافق لأول جمادى الآخرة من السنة ، وافى في البقاع مطر هطال ، بحيث حدث منه سيل أحمر ، كما جرت به العادة في تنبوك (١) الشتاء ، ووصل إلى بردى ، ووصل إلى دمشق ، فكثر التعجب من قدرة الله سبحانه وتعالى حدوث مثل ذلك ، في مثل هذا الوقت.
وفي آخر ليلة الأربعاء الثالث والعشرين من رجب من السنة ، وافت زلزلة عند تأذين الغداة ، روعت القلوب ، وأزعجت النفوس ، ثم سكنت بقدرة الله الرؤوف الرحيم ، ثم وافت أخرى عقيب الماضية ، في ليلة الخميس وقت صلاة الغداة ، ثم سكنت بقدرة الله تعالى.
وورد الخبر من العسكر المحروس بأن الأفرنج خذلهم الله ، تجمعوا ، وزحفوا إلى العسكر المنصور ، وأن المولى نور الدين نهض في الحال في العسكر ، والتقى الجمعان ، واتفق أن عسكر الإسلام حدث [فيه](٢) لبعض المقدمين فشل ، فاندفعوا وتفرقوا بعد الاجتماع ، وبقي نور الدين ثابتا بمكانه ، في عدة يسيرة من شجعان غلمانه ، وأبطال خواصه ، في وجوه الأفرنج ، وأطلقوا فيهم السهام ، فقتلوا منهم ، ومن خيولهم العدد
__________________
(١) انتبك ارتفع. القاموس.
(٢) أضيف ما بين الحاصرتين من الروضتين : ١ / ١٣٠.