ذلك ، بعد أن قربوا منهم ، وحين شاهد الكفار ، خذلهم الله ، كثرة العدد الظاهرة إليهم ، رحلوا في آخر النهار المذكور إلى ناحية الإقليم.
ووصل الملك نور الدين إلى دمشق ، وحصل في قلعتها ، غرة يوم الاثنين السادس من شهر ربيع الأول سالما في نفسه وجملته ، ولقي بأحسن زي ، وترتيب ، وتجمل ، واستبشر العالم بمقدمه المسعود ، وابتهجوا ، وبالغوا في شكر الله تعالى على سلامته وعافيته ، والدعاء له ، بدوام أيامه ، ونصر أعلامه ، وشرع في تدبير أمر الأجناد ، والتأهب للجهاد ، والله تعالى يمده بالنصر ، وإدراك كل بغية ومراد.
وفي أوائل ربيع الأول من سنة ثلاث وخمسين ورد الخبر من ناحية مصر ، بخروج فريق وافر من عسكرها إلى غزة وعسقلان ، وأغاروا على أعمالها ، وخرج إليها من كان بها من الأفرنج الملاعين ، فأظهر الله المسلمين عليهم قتلا وأسرا ، بحيث لم يفلت منهم إلا اليسير ، وغنموا ما ظفروا ، وعادوا سالمين ظافرين ، وقيل إن مقدم الغزاة في البحر ظفر بعدة من مراكب المشركين ، وهي مشحنة بالأفرنج ، فقتل وأسر منهم العدد الكثير ، والجم الغفير ، وحاز من أموالهم وعددهم وأثاثهم ما لا يكاد يحصى ، وعاد ظافرا غانما.
وورد الخبر في الخامس عشر (١٩١ ظ) من شهر ربيع الأول من السنة من ناحية حلب ، بحدوث زلزلة هائلة روعت أهلها ، وأزعجتهم ، وزعزعت مواضع من مساكنها ، ثم سكنت بقدرة محركها ، سبحانه وتعالى ذكره ، وفي ليلة السبت الخامس والعشرين من ربيع الأول من السنة ، وافت زلزلة بدمشق ، روعت وأقلقت ، ثم سكنت بقدرة محركها تعالى ذكره.
وفي يوم الأحد التاسع من شهر ربيع الآخر من السنة ، برز الملك