الملك العادل نور الدين إلى دمشق من حلب ، وقد كان ورد الخبر قبل ذلك بأن الأمير قرا أرسلان بن داود بن سكمان بن أرتق (١) ورد على الملك العادل نور الدين ، وهو بأعمال حلب ، فبالغ في الإكرام له ، والسرور بمقدمه ، ولا طفه وألطفه بما جل قدره ، وعظم أمره من التحف والعطاء ، ثم عاد عنه إلى عمله ، مسرورا شاكرا.
وورد الخبر أيضا في شهر رمضان سنة خمسين بأن الملك العادل نور الدين نزل في عسكره بالأعمال المختصة بالملك قلج أرسلان ابن الملك مسعود بن سليمان بن قتلمش ملك قونية ، وما والاها ، فملك عدة من قلاعها وحصونها بالسيف والأمان ، وكان الملك قلج أرسلان وأخواه : ذو النون ، ودولات مشتغلين بمحاربة أولاد الدانشمند ، واتفق أن أولاد الملك مسعود رزقوا النصر على أولاد الدانشمند والإظهار على عسكره في وقعة كانت على موضع يعرف بأقصرا في شعبان سنة خمسين وخمسمائة ، فلما عاد قلج أرسلان ، وعرف ما كان من العادل نور الدين في بلاده ، عظم عليه هذا الأمر ، واستبشعه مع ما بينهما من الموادعة والمهادنة والصهر ، وراسله بالمعاتبة والإنكار عليه ، والوعيد والتهديد ، وأجابه بحسن الاعتذار وجميل المقال ، وبقي الأمر بينهما مستمرا على هذه الحال.
ودخلت سنة إحدى وخمسين وخمسمائة
وأولها يوم الجمعة مستهل المحرم ، والطالع الدلو خمس عشرة درجة ، وستة عشرن دقيقة [وبعد](٢) وصول الحجاج يوم الجمعة السادس من صفر من السنة توجه الملك العادل نور الدين إلى ناحية حلب ، في بعض عسكره في يوم الثلاثاء الرابع والعشرين من صفر من السنة ، عند انتهاء
__________________
(١) في الأصل : «فلما عرف وعاد ما كان» ، وفي العبارة بتر وتقديم وتأخير تم تقويم ذلك من الروضتين : ١ / ١٠٠ حيث الرواية عن ابن القلانسي.
(٢) أضيف ما بين الحاصرتين كيما يستقيم السياق.