في خيله ورجله من قبلي حلب وغربيها من ناحية قرنة برج الغنم ، وخرج إليهم فرقة واحدة من أحداث حلب ، فقاتلتهم وظهرت عليهم ، فقتلوا فيهم وجرحوا ، وأصيب من الروم مقدم مذكور ، وانكفوا خائبين إلى مخيمهم ، وأقاموا على حلب أياما قلائل ، ورحلوا عنها غداة يوم الأربعاء ثامن شعبان مقتبلين إلى أرض صلدع ، وخاف من بقلعة الأثارب ، فهربوا منها يوم الخميس تاسع شعبان ، وطرحوا النار في خزائنها ، وعرف الروم ذلك ، فنهضت منهم طائفة إلى القلعة ، ونزلت عليها وملكتها ، وحازوا ما فيها ، وألجأوا السبايا والأسرى الذين في أيديهم من حصن بزاعة إلى ربض الأثارب وخندقها ، بحيث عرف الأمير سوار النائب بحلب ذاك ، وانعزال الروم عنها ، نهض في عسكر حلب وأدركهم بالأثارب ، فأوقع بهم وقهرهم ، واستخلص المأسورين والمسبيين إلا اليسير منهم ، وذلك في يوم السبت الحادي عشر من شعبان ، وسر أهل حلب بهذه النوبة ، سرورا عظيما.
وفي يوم الخميس التاسع من الشهر ، رحل عماد الدين أتابك عن حماة إلى سلمية ، وسير ثقله إلى الرقة ، وبقي في خيله جريدة مخفا.
وفي يوم الاثنين رحل ملك الروم عن بلد المعرة ، فهرب من كان مقيما في كفر طاب من الجند ، خوفا على نفوسهم ، وتناصرت الأخبار بعبور عسكر التركمان الفرات مع ولد الأمير داود بن أرتق إلى ناحية حلب ، للغزو في الروم ، ونزلوا بمجمع المروج ، ونهض فريق وافر من عسكر دمشق للغزاة أيضا في خدمة عماد الدين أتابك ، وكان سبب رحيل الروم عن شيزر ، ما انتهى إليهم من وصول التركمان ، وتجمع العساكر حاشرين ، وكانت مدة إقامتهم عليها ثلاثة وعشرين يوما ، ووصول ملك الروم إلى أنطاكية في عوده يوم الأحد (١٤٥ ظ) الثامن من شهر رمضان من السنة ، وتواصلت الأخبار بإتمام الروم في رحيلهم إلى بلادهم ، وسكنت القلوب بعد انزعاجها وقلقها منهم ووجلها.