ورود أخبار عزيمته ، وأجفلت الضياع ، وحصل أهلها في البلد ، ووقع الاستعداد لمحاربته واللقاء عند منازلته ، والاجتماع على صده ، ودفعه ، ولم تزل الحال على هذه القضية ، والانتصاب بإزائه على هذه السجية ، وقد أشعرت النفوس من شدة البأس ، والصبر على المراس ، للقائه والتأهب لزحفه ، ودنوه من البلد ، وقربه ، وقد كان رحل عن عذراء ونزل تحت العقبة القبلية ، وكان يزحف في عسكره ، وقد فرقه في عدة مواضع كالمراكب ، حتى تقرب من البلد ، فيشاهد كثرة من يخرج من البلد والعسكرية ، وأحداث الرعية بالسلاح الشاك ، وامتلأ المصلى وسائر الأماكن ، والكمناء في جميع المسالك ما يروعه ويصده عن الزحف ، وفي كل يوم يصل من مستأمني عسكره جملة وافرة ، مع ما ينهب من خيولهم ، ويقلع من فوارسهم (١٣٦ ظ) فلما طالت الأيام عليه ، ولم يحصل على طائل مما حاول ، ولا مرام ، راسل في طلب الصلح ، والدخول في طاعته ، والتمس خروج الأمير شهاب الدين محمود بن تاج الملوك إليه لوطء بساط ولد السلطان الواصل معه ، ويخلع عليه ، ويعيده إلى بلده ، وأجمل الخطاب في ذلك والوعد ، فلم يجب إلى خروج شهاب الدين ، وتقررت الحال على خروج أخيه تاج الملوك بهرام شاه بن تاج الملوك ، ووافق ذلك وصول الرئيس بشر بن كريم بن بشر ، رسولا من الإمام المسترشد بالله أمير المؤمنين إلى عماد الدين أتابك ، بخلع أعدت له ، والأمر بالرحيل عن دمشق ، وترك التعرض لها ، والوصول إلى العراق لتولي أمره ، والتدبير له ، وأن يخطب للسلطان ألب أرسلان المقيم بالموصل.
ودخل الرسول المذكور ، والقاضي بهاء الدين بن الشهرزوري إلى دمشق ، لتقرير الأمر ولإحكام القاعدة في الجمعة ، في الثامن والعشرين من جمادى الأولى ، فتقرر الأمر ، ووكدت الأيمان ، وحضرا الجامع لصلاة الجمعة ، وخطب للسلطان ألب أرسلان على المنبر ، بأمر أمير المؤمنين ، وعادا إلى العسكر الأتابكي ، وخرج بهرام شاه فأكرمه وأعاده على أجمل قضية ، ورحل في يوم السبت غد ذلك اليوم ، منكفئا والقلوب قد أمنت