جماعة من الغلمان أبرياء ، أوقعهم في التهمة ، بأنهم وافقوه على هذا ، فقبض عليهم وأضافهم إليه ، وقتل الجميع في الحال صبرا ، ولامه الناس على ذلك [حيث قتل (١)] هؤلاء الغلمان بقول هذا الجاني من غير بينة قامت (١٣٣ و) ولا دلالة ظهرت ، ولم يكفه قتل من قتل ظلما ، حتى اتهم أخاه سونج بن تاج الملوك ، فقتله ، وهو كبيره ، أشنع قتله بالجوع في بيت (٢) وبالغ في هذه الأفعال القبيحة ، والظلم ، ولم يقف عند حد.
وفي يوم السبت الرابع من جمادى الأولى ، من السنة ، وصل أثير الملك أبو علي الحسن بن أقش رسولا من الدار العزيزة النبوية المسترشدية ، وعلى يده برسم شمس الملوك التشريف الإمامي المندوب لإيصاله إليه ، وإفاضته عليه ، ووردت المكاتبات على يده عن الوزير شرف الدين أبي القاسم علي بن طراد النقيب الزينبي ، وزير الخليفة ، وكان معزولا عن الوزارة ، فأعيد إليها في شهر ربيع الأول سنة ثمان وخمسمائة ، وصرف عنها الوزير شرف الدين أنوشروان بن خالد صرفا جميلا.
وفي هذه السنة وردت الأخبار من ناحية مصر ، بالخلف الحادث بين ولدي الإمام الحافظ لدين الله أبي الميمون عبد المجيد أمير المؤمنين : أبي علي الحسن ولي عهد المسلمين ، وأخيه أبي تراب حيدرة ابني الحافظ ، واقتسام الأجناد فرقتين إحداهما مائلة إلى مذهب السنة وأهله ، والأخرى إلى مذهب الاسماعيلية وحزبه ، واستعار نار الحرب بينهما ، واستظهار حزب السنة على حزب الاسماعيلية ، بحيث قتل منهم خلق كثير ، وكان أكثر القتل في الريحانية السودان ، واستقام الأمر بعده لأبي علي الحسن ، وتتبع من كان ينصر مذهب الاسماعيلية من المقدمين والدعاة ، ومن يجري مجراهم ، فأبادهم بالقتل والتشريد ، وصلحت
__________________
(١) أضيف ما بين الحاصرتين من مرآة الزمان : ١ / ١٤٨.
(٢) «تركه في بيت ورد عليه الباب فمات جوعا» مرآة الزمان : ١ / ١٤٨.