وفيها ورد الخبر من بغداد بوفاة السلطان مغيث الدنيا والدين محمود ابن السلطان غياث الدنيا والدين محمد بن ملك شاه بن ألب أرسلان رحمهالله في شوال سنة خمس وعشرين وخمسمائة ، بمرض حدث به ، كان معه نفاذ أجله ، وفراغ مهله ، وتقررت السلطنة بعده لأخيه السلطان أبي الفتح مسعود بن محمد (١٢٦ ظ) بن ملك شاه بن ألب أرسلان ، وتكون ولاية العهد من بعده لابنه داود بن محمود ، ثم لأخيه السلطان طغرل بن محمد ، وسيأتي ذكر كل واحد منهم في موضعه.
وفيها ورد الخبر من حلة مكتوم بن حسان بن مسمار (١) بأن الأمير دبيس بن صدفة بن مزيد اجتاز بالحلة ، وكان قد انهزم من العراق في خواص أصحابه وغلمانه خوفا من الخليفة المسترشد بالله أمير المؤمنين ، وضل في الطريق ، ولم يكن معه دليل عارف بالمسالك والمناهل ، وكان قصده حلة مرى بن ربيعة ، فهلك أكثر من كان معه ، وتفرق أصحابه بعد موت من مات بالعطش وقد حصل في الحلة كالمنقطع الوحيد ، في نفر يسير من أصحابه ، فأنهض تاج الملوك ، فرقة من الخيل نحوه ، لإحضاره فأحضرته إلى القلعة بدمشق في ليلة يوم الاثنين ، لست خلون من شعبان سنة خمس وعشرين وخمسمائة فتقدم تاج الملوك بإنزاله في دار القلعة ، وإكرامه واحترامه ، والتنوق في شرابه وطعامه ، وحمل إليه من الملبوس والمفروض ما يقتضيه محله الرفيع ، ومكانه المكين الوجيه ، واعتقله اعتقال كرامة ، لا اعتقال إهانة ، وأنهى الحال في ذلك إلى الدار العزيزة الإمامية المسترشدية ، فورد الجواب إليه بالتوثق منه ، والاحتياط عليه ، إلى حين يصل إليه من يتسلمه ، ويحمله إلى بغداد.
ولما عرف عماد الدين أتابك زنكي صاحب الموصل هذه الحال ، نفذ رسولا إلى تاج الملوك ، يلتمس منه تسليمه ، ويكون الجزاء عنه الخمسين
__________________
(١) أمير قبائل كلب وكانت منازله (حلته) في منطقة صلخد. مرآة الزمان ـ أخبار سنة ٥٢٥ ه.