المتصرفين والعمال
، لأنه كان حسن الطريقة ، قد تهذب في النيابة عن الوزارة في الديوان ، وعرف سياسة (١٢٦
و) الأعمال في كل عصر وأوان ، فصيح اللسان بالفارسية والعربية ، ولم يزل مستمر
الأمر إلى أن حدث ما تغيرت به حاله ، لأن الباطنية لما جرى عليهم ما قضاه الله من
البوار ، وأحله بهم من الهلاك والدمار ، انتهى خبر ذاك إلى رفقائهم بألموت ،
فأسفوا عليهم ، وقلقوا لما نزل بهم ، وشرعوا في بث حبائل شرهم ، ونصب أشراك خترهم
ومكرهم ، وندبوا لتاج الملوك من يغتاله ، ويوقع به من جهال أخوانهم ، وفتاك
أقرانهم ، ووقع اختيارهم على جاهلين من الخراسانية قرروا معهما التحيل في أمر تاج
الملوك ، والطلب له ، والفتك به ، في داره ، عند إمكان الفرصة فيه ، ووصل هذان
الرجلان إلى دمشق في زي الأتراك بالقباء والشربوش ، وحضرا إلى معارف لهما من
الأتراك ، وسألوهما الوساطة في اسخدامهما ، وتقرير الواجب لهما ، وخدعاهم ، ولم
يرتابوا بهما ، وتدرجا بالحيلة والمكر إلى أن صاروا في الجملة من الخراسانية
المرتبين لحفظ ركاب تاج الملوك ، وتمكنا ، وسكنت القلوب إليهما لأنهما ضمنا ،
ورقبا الفرصة في تاج الملوك إلى أن دخل الحمام ، وعاد منه ، ووصل إلى باب داره من
القلعة بدمشق ، وتفرق عنه من كان في ركابه من الخراسانية ، والديلم ، والأحداث ،
الحفظة له ، فوثبا عليه في يوم الخميس لخمس خلون من جمادى الآخرة سنة خمس وعشرين
وخمسمائة ، وضربه أحدهما بالسيف طالبا لرأسه ، فجرحه في رقبته جرحا لم يتمكن منه ،
وضربه بسكين عند خاصرته نفذت بين اللحم والجلد ، ورمى بنفسه في الحال عن فرسه
سليما ، وتكاثرت الرجال عليهما ، فقطعوهما بالسيوف ، وأحضر أهل الخبرة بمداواة
الجراح من الأطباء والجراحيين ، وعولجا فبرأ إحدهما الذي عند الرأس ، وتنسر الذي
في الخاصرة ، وصلحت الحال في ذلك ، وركب وأقام مدة يحضر مجلسه الخواص والعسكرية
والأجناد ، للسلام والشراب على الرسم المعتاد.