شهر رمضان سنة إثنتي عشرة وخمسمائة ، وعاد ظهير الدين عنه بعد أن قررا مع طوائف التركمان إصلاح أحوالهم والتأهب للوصول إلى الشام بجموعهم الموفورة ، وعزائمهم المنصورة في صفر سنة ثلاث عشرة وخمسمائة ليقع الاجتماع على نصرة الدين واصطلام المردة الملحدين ، وأقام ظهير الدين بدمشق إلى حين قرب الأجل المضروب ، والوقت المرقوب ، وسار إلى ناحية حلب في أول شهر ربيع الأول سنة ثلاث عشرة وخمسمائة.
ووردت الأخبار من ناحية العراق بوفاة الخليفة الإمام المستظهر بالله أمير المؤمنين ، ابن الإمام المقتدي بالله أمير المؤمنين ، بعلة عرضت له ، واستمرت به إلى أن قضى نحبه ، إلى رحمة ربه في ليلة الخميس الرابع عشر من شهر ربيع الآخر سنة اثنتي عشرة وخمسمائة ، وكانت مدة خلافته ستا وعشرين سنة وشهرين وأياما ، وكان جميل السيرة ، محبا للعدل والإنصاف ، ناهيا عن قصد الجور والاعتساف ، وولي الأمر من بعده ولده ولي العهد أبو منصور الفضل ، المسترشد بالله أمير المؤمنين ابن أبي العباس أحمد المستظهر بالله أمير المؤمنين ، وجدد له أخذ البيعة ، واستقام له الأمر ، ونفذت المكاتبات إلى سائر الأعمال بالتعزية عن الإمام الماضي ، والتهنئة بالإمام الباقي.
ودخلت سنة ثلاث عشرة وخمسمائة
ولما وصل ظهير الدين أتابك إلى حلب للاجتماع مع نجم الدين على الأمر المقرر بينهما ، بعد مضي الأجل المعين بتدبيرها ، وجد التركمان قد اجتمعوا إليه من كل فج ، وكل صوب في الأعداد الدثرة الوافرة ، والقوة الظاهرة ، كأنهم الأسود تطلب فرائسها ، والشواهين إذا حامت على مكاسرها ، ووردت الأخبار ببروز روجير صاحب أنطاكية منها ، في من جمعه ، وحشده من طوائف الأفرنج (١١٠ ظ) ورجالة الأرمن من سائر أعمالهم وأطرافهم ، بحيث يزيد عددهم على العشرين ألف فارس