وقد كان في هذه السنة وردت الأخبار قبل عود ظهير الدين من العراق ، بالكائنة الحادثة من الباطنية في الدركاه السلطانية ، وقتلهم الأمير أحمديل فيها ، في المحرم منها ، مع وجاهته ، وتزايد حشمته ، ووفور عدته ، وأكثر الناس التعجب من هذا الإقدام المشهور ، والفعل المذكور ، ولله عاقبة الأمور (١).
وفيها وردت الأخبار من ناحية حلب ، بقتل لؤلؤ الخادم ، الذي كان غلب أمره فيها ، وعمل على قتل ولده مولاه الملك ألب أرسلان بن رضوان ، في ذي الحجة منها ، بأمر دبره عليه أصحاب الملك المذكور (٢).
سنة إحدى عشرة وخمسمائة
في هذه السنة توفي السلار بختيار شحنة دمشق ، ونائب ظهير الدين في تولي أمر البلد ، وسياسة الرعية ، بعلل اختلفت عليه ، وطالت به إلى أن قضى نحبه رحمهالله في ليلة النصف من شعبان منها ، فأحزن ظهير الدين فقده ، وأهمه المصاب به ، وتأسف أكثر الناس عليه ، لأنه كان عفيفا في أفعاله غير معترض لخمر ، غني الحال والنفس ، معينا لمن يقصده في دفع مظلمة ، وإنقاذ من شدة ، جميل المناب فيما يعود بصلاح الرعية ، والبعث على العمل بالعدل والسوية ، وأقيم ولده السلار عمر في منصبه ، فاقتفى آثاره في أشغاله ، وحذا مثاله في أعماله.
وفيها وردت الأخبار من ناحية العراق ، بوفاة السلطان غياث الدنيا والدين محمد بن ملك شاه بأصفهان ، رحمهالله ، بعلة حدثت به ، وطال
__________________
(١) في ترجمة أحمديل في بغية الطلب قال ابن العديم : «وفي المحرم سنة عشر وخمسمائة كان أحمديل في مجلس السلطان محمد ، فجاءه رجل ومعه قصة يشكو فيها الظلم وهو ينتحب ، وسأله أن يوصل قصته إلى السلطان ، فتناولها منه فضربه بسكين كانت معدة ...» مدخل إلى تاريخ الحروب الصليبية : ٢٥٤.
(٢) أخذ أموال قلعة حلب وحاول أن يهرب إلى بلاد الشرق ، فلحقه بعض قادة جند حلب ورشقه بالسهام حتى قتل. مدخل إلى تاريخ الحروب الصليبية : ٢٩٥.