ضد ما عرف منه وسمع (١٠٣ و) عنه ، ولزم التدين والصدقات ، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر المكروه ، فشاعت بالجميل أخباره ، وبحسن الارتضاء آثاره ، ثم توفي سعيدا مقتولا شهيدا ، ولم يزل مدفونا في ذلك المشهد مخدوم القبر بالقومة والقراءة إلى آخر شهر رمضان من السنة ، ووصل من عند ولده وزوجته من حمل تابوته إليهما (١).
وفي هذه السنة ورد الخبر من بغداد بوفاة الفقيه الإمام أبي بكر محمد ابن أحمد الشاشي ، رحمهالله ببغداد يوم السبت الخامس والعشرين من شوال منها ، وقد انتهت الرئاسة إليه على أصحاب الشافعي ، ودفن في تربة شيخه أبي اسحق الشيرازي ، رحمهالله (٢).
وقد تقدم من ذكرنا ما كان من نوبة صور ، وانتقال ولايتها إلى ظهير أتابك ، واستنابته مسعودا في حفظها وحمايتها ، وتدبير أمرها وإنفاذ رسوله إلى الأفضل بشرح حالها ، ولم يزل الرسول المسير إلى مصر مقيما بها إلى ذي الحجة من سنة ست وخمسمائة وظهر للأفضل صورة الحال فيها ، وجلية الأمر بها ، وأعاد الرسول بالجواب الجميل ، وإن «هذا أمر وقع منا أجمل موقع ، وأحسن موضع» ، واستصواب رأي ظهير الدين فيما اعتمده وإحماد ما قصده ، وتقدم بتجهيز الأسطول إليها بالغلة والميرة ، ومال النفقة في الأجناد والعسكرية ، وما يباع على الرعية من الغلات ، ووصل الأسطول بذلك إلى صور ـ ومقدمه شرف الدولة بدر بن أبي الطيب الدمشقي ، الوالي كان بطرابلس عند تملك الأفرنج لها ـ في آخر صفر سنة سبع وخمسمائة ، بكل ما يحتاج إليه ، فرخصت الأسعار بها ، وحسنت حالها ، واستقام أمرها ، وزال طمع الأفرنج فيها ، ووصل في جملته خلع فاخرة من طرف مصر ، برسم ظهير الدين وولده تاج الملوك بوري وخواصه ،
__________________
(١) إلى الموصل ـ مرآة الزمان : ١ / ٥١. وزاد هنا صاحب المرآة أن بلدوين ملك القدس كتب إلى أتابك طغتكين يقول معلقا على اغتيال مودود «إن أمة قتلت عميدها في يوم عيدها في بيت معبودها لحقيق على الله أن يبيدها».
(٢) انظر ترجمته في طبقات الشافعية الكبرى ـ ط. دار المعرفة بيروت ٤ / ٥٧ ـ ٦١.