ومن كان بحمص وحماة ورفنية ، ونزلا يوم عيد النحر بقدس (١) ورحلا منها إلى عين (٢) الجر بالبقاع ثم منها إلى وادي التيم ، ثم نزلا بانياس ، ونهضت فرقة من العسكر فقصدت ناحية تبنين (٣) فلم تظفر منها بمراد وعادت.
ووصل إليها بغدوين ، وقد كان لما يئس من إجابة أتابك إلى الموادعة ، واصل الغارات والفساد في الشام إلى أن وصل عسكر المسلمين إلى عمله ، وبالغ أتابك فيما حمله إلى الأمير مودود وإعظامه وإكرامه ، وما حمله إليه وإلى مقدمي عسكره ، وخواصه من أنواع الملبوس ، والمأكول ، والمركوب ، ثم نهضوا معلمين على النزول على الإقحوانة ، ووصل إلى بغدوين سير رجال صاحب أنطاكية ، وصاحب طرابلس ، وأجمعوا رأيهم على النزول غربي جسر الصّنبّرة (٤) ، ثم يقطعون إلى الإقحوانة للقاء المسلمين ، وقد احتاطوا على أثقالهم وراء الجسر ، والمسلمون لا يعلمون بذلك ، وأنهم عارضوهم في المسير إلى هذا المنزل ، فسبق الأتراك إلى نزولهم في الإقحوانة ، وقطع بعض عسكر الأتراك الجسر لطلب العلوفات والزرع ، فصادفوا الأفرنج قد ضربوا خيامهم ، وقد تقدم بغدوين للسبق إلى هذا المنزل ، ونزل صاحب أنطاكية وصاحب طرابلس وراءه يتبعونه إليه.
ونشبت الحرب بين المتعلفة وبين الأفرنج ، وصاح الصائح ، ونفر الناس ، وقطعوا الجسر ، وهم يظنون أنه جوسلين لأنه صاحب طبرية ، فوقف أتابك على الجسر ، وتسرع خلق كثير من العسكر إلى قطع الجسر ، وقطع الأمير تميراك بن أرسلانتاش في فريق وافر من العسكر ، ونشبت الحرب بين الفريقين من غير تأهب للقاء ، ولا ضرب خيام ولا استقرار
__________________
(١) منطقة عين التنور الحالية خارج حمص.
(٢) على مقربة من الحدود السورية اللبنانية بعد (المصنع) وهي «عنجر» الحالية.
(٣) في الأصل «تمنين» انظر الحاشية (١) للصفحة الماضية.
(٤) الصنبرة موضع بالأردن مقابل لعقبة أفيق بينه وبين بحيرة طبرية ثلاثة أميال. معجم البلدان.