أخي السلطان العادل ملك شاه ، إلى حمص هاربا من ابن عمه السلطان غياث الدنيا والدين محمد ، ولم يمكنه المقام بحمص ولا حماة فتوجه إلى حلب ، وكان فخر الملوك رضوان صاحب حلب في الدركاه السلطانية ، فأشفق من المقام بحلب ، فتوجه إلى طنكري صاحب أنطاكية فاستجاره فأجاره ، وأكرمه وأحسن إليه ، واجتمع إليه جماعة من الأتراك الذين مع طنكري ، فأقام عنده ، وخرج طنكري من أنطاكية في أول جمادى الآخرة إلى ناحية كريسيل (١) ، مقدم الأرمن وكان قد هلك طمعا في تملك بلاده ، فعرض له مرض في طريقه أوجب عوده إلى أنطاكية ، فاشتد به المرض ، فهلك في يوم الأربعاء الثامن من جمادى الآخرة ، وقام في الأمر بعده ابن أخيه سير رجال (٢) فتسلم أنطاكية وأعمالها ، واستقام له (١٠٠ ظ) الأمر فيها ، بعد أن جرى بين الأفرنج خلف بسببه إلى أن أصلح بينهم القسوس ، وطلب من الملك رضوان مقاطعة حلب المستقرة ، فأجابه إلى ذلك ، ومبلغها عشرون ألف دينار ، والخيل ، وطلب مقاطعة شيزر ، فأجاب صاحبها إليها ، وهي عشرة آلاف دينار ، وتواترت غارات بغدوين على عمل البثنية من أعمال دمشق ، وانقطعت الطريق ، وقلت الأقوات بها وغلا السعر فيها ، وتتابعت كتب ظهير الدين أتابك إلى الأمير شرف الدين مودود صاحب الموصل بشرح هذه الأحوال في هذه الأعمال ، وبعثه على الوصول إليه للاعتضاد على دفع المردة الأضداد ، والفوز بفضيلة الجهاد ، وكان مودود قد شنع عليه عند السلطان غياث الدنيا والدين ، بشناعات من المحال لفقها الحسدة الأعداء ، أوجبت استيحاشه منه وبعده عنه ، قيل في جملتها أنه عازم على
__________________
(١) كذا في الأصل ، وقد لحق الاسم تصحيف ، فهو «طوروس الأول» [١١٠٠ ـ ١١٢٣] بارون دولة أرمنية الصغرى التي قامت مع نجاح الحملة الصليبية الأولى ، وتمركزت في المنطقة الواقعة فيما بين طرطوس وعين زربه. انظر القلاع أيام الحروب الصليبية ط. دمشق ٩٨٢ : ٣١ ـ ٣٤. صفحات من تاريخ الأمة الأرمنية لعثمان الترك ، ط حلب ١٩٦٠ : ١٣٤ ـ ١٣٥.
(٢) يرسمه ابن العديم في زبدة الحلب : ٢ / ١٦٣ «روجار» وهو أصح من رسم ابن القلانسي لأن أصل الاسم Roger.