وعاد إلى بلده (١) ، وورد الخبر بوفاته في طريقه قبل وصوله الفرات (٢) ،
__________________
(١) في الأصل «ولده» وهو تصحيف صوابه ما أثبتنا.
(٢) سكمان القطبي هو صاحب ميافارقين ، وكان قبل ذلك يمتلك أخلاط ، وتحدث الفارقي في تاريخه : ٢٧٤ ـ ٢٧٨ عن تسلمه لميافارقين ثم مشاركته في حملة مودود حتى وفاته ، ورواية الفارقي لها أهمية خاصة لأن حوادثها وقعت في منطقة هو مؤرخها ، يقول الفارقي : «وفي الخميس العشرين من جمادى الأولى سنة اثنتين وخمسمائة نزل الأمير سكمان صاحب أخلاط إلى ميافارقين وحاصرها ، وكان تشرين الأول من السنة ، وحاصرها وضايقها وكانت شتوة صعبة ، وبقي يحاصرها سبعة أشهر ، ثم سلمها إليه أتابك خمرتاش بعد ذلك في شوال سنة اثنتين وخمسمائة ، ودخل ميافارقين ... وأقام بميافارقين ، وأزال عنهم الكلف والمؤن والأعشار والأقساط وأسقط دار الضرب ، وما كان جدده المحتسب وأتابك واتخذوه من الرسوم ، وحط عن الناس أشياء كثيرة ، وأطلق الحشر للسور ، وأجرى الناس على أملاكهم ، وخفف عنهم من الخراج ، وأزال عنهم جميع أسباب الظلم ، ونزل في القصر واليا مملوكه غزغلي وسلم البلد إلى خواجا أثير الدولة أبو الفتوح ، وبقي الناس معه على كل خير ...
وفي سنة أربع وخمسمائة نزل الأمير سكمان إلى ميافارقين ، وقصد الرها ومعه عساكر عظيمة فمات هناك ، ووصل تابوته إلى ميافارقين ، وحمل إلى أخلاط ودفن بها .. وفي سنة ست وخمسمائة وصلت خاتون زوجة الأمير سكمان ، وولده الأمير إبراهيم إلى ميافارقين ، وعزل غزغلي عن الولاية ، وولي السديد أبو سعد الحويلي الوزارة ، وولى ميافارقين أخوه أبو منصور المعين ، واستقر متوليا .. وفي سنة سبع وخمسمائة قتل الأمير إبراهيم بن سكمان الوزير السديد في ولاية منازجرد ، وأظهر أخوه المعين العصيان بميافارقين وبقي مدة متحكما في البلد .. وفي آخر سنة ثمان وخمسمائة وصل قراجا الساقي مملوك السلطان محمد إلى باب ميافارقين ، ونزل على الروابي ، وبقي مدة ، والمعين متولي البلد وهو لا يظهر إلا أنه عابر وهو ينتظر من يلحقه من أصحابه ، ولا يراسل المعين ولا يكلمه ، وأخرج له المعين الإقامة والضيافة ، وكان كل يوم يركب إلى الصيد ، ويعبر على باب البلد ، فعبر ذات يوم كعادته على باب المدينة بباب الحوش ، وهجم على الباب ، وقطع بسيف كان بيده السلسلة ، ودخل فوثب إليه بعض الخراسانية فجذب سيفه ، وصاح فيه الأمير فدخل إلى داخل البلد ، ومعه جماعة فوقف داخل الباب ، فوثب إلى بين يديه رجل حداد ، ومشى بين يديه إلى باب القصر ، ووقعت الصيحة ، وغلق باب القصر ، واجتمع الناس ، وبقوا ساعة ، ففتح المعين باب القصر ، ودخل عز الدين قراجة إلى ميافارقين في آخر سنة ثمان وخمسمائة ونزل المعين إلى دار العجمية ، وملك قراجا البلد ، ودخل أصحابه ورحله وثقله وزوجته ، وكانت جارية للسلطان محمد ، وكان معها ابنة السلطان تسمى فاطمة خاتون صغيرة ، وهي التي تزوجها الخليفة المقتفي في سنة أربع وثلاثين وخمسمائة ، ولقد حضرت لما دخلت إليه دار الخلافة في سنة أربع وثلاثين وخمسمائة ببغداد ..
وبقي قراجا ثلاثة أيام ، واستوزر المعين ، وخلع عليه ورد الأمور إليه ..
ثم إن السلطان نفذ طلبه واستدعاه ، فمضى إليه وأعطاه ولاية فارس وشيراز والمعين معه وزيره ، فنفذ السلطان واليا اسمه الرزبيكي فدخل ميافارقين وبلدها وأخذوا منه من كل جانب وخرب أكثره ، وكان قد أخذ منه في ولاية أتابك خمرتاش مواضع كثيرة فأخذ منه الأمير سكمان بن أرتق بلد حزة لحصن كيفا من قاطع شط ساتيدما إلى باب الشعب إلى شط أرزن مقدار مائة ضيعة ، وأخذ لماردين نجم الدين إيلغازي بلد الحناضلة من قاطع دجلة إلى جبل الصور