خراسان ، في عدد دثر من الأتراك ، فظفر بهم وكسرهم ، وقتل منهم خلقا كثيرا [فأقبلوا](١) عائدين خاسرين مفلولين.
وفي ثامن ذي القعدة من السنة ظهر في السماء كوكب من الشرق له ذؤابة ممتدة إلى القبلة ، وأقام إلى آخر ذي الحجة ، ثم غاب.
وفيها كاتب السلطان غياث الدنيا والدين الأمير سكمان القطبي ، صاحب أرمينية وميافارقين ، وشرف الدين مودود صاحب الموصل يأمرهما بالمسير في العساكر إلى جهاد الأفرنج ، وحماية بلاد الموصل ، فجمعا واحتشدا ، ونهضا ونزلا بجزيرة بني نمير إلى أن تكامل وصول ولاة الأطراف إليهما ، وخلق كثير من المتطوعة ، ووصل إليهما أيضا الأمير نجم الدين ايل غازي بن أرتق في خلق كثير من التركمان ، واجتمع المسلمون في عدد لا يقوم بلقائه جميع الأفرنج ، واتفقت الآراء على افتتاح الجهاد بقصد الرها ومضايقتها ، إلى أن يسهل الله افتتاحها بحكم حصانتها ومنعتها.
فرحلوا بأسرهم ونزلوا عليها في العشر الثاني من شوال ، وأحاطوا بها من جهاتها كالنطاق ، ومنعوا الداخل والخارج بالمسير إليها ، وكان القوت بها قليلا ، فأشرف من بها على الهلاك ، وغلا بها السعر ، وطالت مدة الحصر لها والتضييق عليها ، وحين عرف الأفرنج صورة هذه الحال ، شرعوا في الجمع والإحتشاد ، والتأهب للذب عنها ، والاستعداد ، واتفقت الكلمة بينهم على هذه الحال ، واجتمع (٩٢ ظ) طنكري صاحب أنطاكية وابن صنجيل صاحب طرابلس ، والملك بغدوين ومقدمو ولاة الأعمال من الأفرنج ، وتعاهدوا وتعاقدوا على الثبات في الحرب والمصابرة واللباث ، فلما استقرت الأحوال بينهم على البينة رحلوا بأسرهم إلى ناحية الرها.
__________________
(١) أضيف ما بين الحاصرتين كيما يستقيم السياق. انظر ما ذكره سبط ابن الجوزي في مرآة الزمان ـ أخبار سنة ٥٠٣. ه.