أما بعد أطال الله بقاء الوزير ـ وألقابه (١) ـ ، وأدام تأييده وتمهيده ، وأحسن من عوائده مريده ، فإن الله تعالى يقول وقوله الحق : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكافِرِينَ يُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ وَلا يَخافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ ذلِكَ فَضْلُ اللهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ وَاللهُ واسِعٌ عَلِيمٌ)(٢) ولقد آتانا الله وله الحمد من هذا الفضل ، ما صرنا به أطول الملوك في الاسلام باعا ، وأعزهم في الذب عن حريمه أشياعا وأتباعا ، وأشدهم عند الحفيظة له بأسا ، وأطهرهم من درن الشبهة فيه لباسا ، وأقصدهم في اقتفاء الحق المبين أنحاء ، وأثقلهم على أعداء الله وأعداء الدين المنير وطأة وانحاء ، فلا تتجه عزائمنا لمهم في ذلك إلا حققنا الفيصل ، وطبقنا المفصل ، وفرينا الفري ، واقتدحنا من الزناد الوري ، وأعدنا الحق جذعا ، وانف الباطل مجدعا ، نعمة من الله تعالى اختصنا بها من دون سائر الأنام ، وأحلنا من التفرد بمزاياها في الذروة والسنام ، فالحمد لله على ذلك حمدا يوازي قدر نعمه ، ويمترى المزيد من مواد كرمه ، ثم الحمد لله على ما يسرنا له من إعزاز الدين ، ورفع عماده ، وقمع اضداده ، واستئصال شأفة الباطنية الناهضين لعناده ، الذين استركوا العقول الفاسدة فاستغووها بأباطيلهم ، واستهووها بأضاليلهم ، واتخذوا دين (٨٣ و) الله هزوءا ولعبا (٣) ، بما لفقوه من زخارف أقاويلهم ، سيما ما سنّى الله من فتح الفتوح ، وهيأ أسبابه من النصر الممنوح بأخذ قلعة شاه دز التي شمخ بها الجبل وبذخ ، وكان الباطل باض فيها وفرخ ، وكانت قذى في عيون الممالك وسببا إلى التورط بالمسلمين في المهاوي والمهالك ، ومرصدا عليهم بالشرارة والنكارة ، حيثما ينحونه من المسالك ، وفيها ابن عطاش الذي طار عقله في مدرج الضلال وطاش ،
__________________
(١) كذا في الأصل.
(٢) القرآن الكريم ـ المائدة : ٥٤.
(٣) انظر سورة المائدة : ٥٧.