وتقرر (١) الصلح بين شرف الدولة وابن ملاعب بحمص ، وفيها وصل أبو العز بن صدقة ، وزير شرف الدولة ، في عسكر كثيف ، لإنجاد حلب على تاج الدولة ، فلما وصل إليها رحل تاج الدولة ، في الحال عنها (٢).
سنة ست وسبعين وأربعمائة
فيها عمل على مدينة حران ، وأخذت من ملكة شرف الدولة مسلم ابن قريش في سابع صفر ، وعاد إليها حين عرف خبرها ، فنزل عليها في عسكره ، وضايقها وواظبها إلى أن افتتحها ، وملكها ، ورتب أمرها واحتاط عليها ، واعتمد على الثقات في حفظها (٣).
__________________
(١) في الأصل «وقرر» وهي مصحفة صوابها ما أثبتنا ، ففي مرآة الزمان أخبار سنة ٤٧٥ ه : «وعاد مسلم إلى حمص ، فخرجت نساء ابن ملاعب وحريمه ، فتعلقن بذيل مسلم ، فاستحى منهن ، وذم له ، وأبقاه على حاله ، ولم يطالبه بما تقرر عليه ، واستحلفه ، وحلف له ، وعاد إلى حلب».
(٢) حصل هذا قبل حملة مسلم بن قريش على دمشق ، وفي سوق الخبر هكذا مع سواه دليل جديد على طبيعة عمل ابن القلانسي ، من أنه أخذ من مصادر مختلفة وأثبت موارده دونما تنسيق.
(٣) نقل سبط ابن الجوزي ـ أخبار سنة ٤٧٦ ه عن غرس النعمة محمد بن هلال الصابىء خبر ثورة حران والقضاء عليها فقال : «ووصل الخبر إلى مسلم بأن أهل حران عصوا عليه ، فرجع كارا إلى حمص ، وصالح في طريقه ابن ملاعب وحالفه وأعطاه مضافا إلى حمص : رفنية وسلمية ، وأقطع شبيب بن محمود بن الزوقلية حماة ، واستخلفه في تلك الأعمال ، وعاجل حران ، فوصلها يوم الجمعة ثامن ربيع الأول ، فوجد قاضيها ابن جبلة الحنبلي قد استغوى أهلها ، وأدخل إليها جماعة من بني نمير ، مع ولد صغير لمنيع بن وثاب ، وأنفذ ابن عطير ، أحد وجوه بني نمير إلى جبق أمير التركمان ، فكان قريبا ، فاستدناهم إليه ليسلم إليهم البلد ، وشرع القاضي يعلم مسلما ، ويمنيه خديعة منه ليصل التركمان ، وعلم مسلم فحاربهم ، ورمى قطعة من السور ، وبينا هو كذلك وصل التركمان ، فترك أقواما يقاتلون البلد ، وركب هو بمن معه ، فأشرب على التركمان ، واتصل الطراد ، وقال للعرب املكوا عليهم النهر ، المعروف بالجلاب ، واجعلوه وراءكم ، وحولوا بين التركمان وبينه ، ففعلوا ، وعطشوا وخيلهم ، وهجرت الشمس عليهم ، فمالوا بجمعهم طالبين رأس الماء ، على أن يشربوا ويسقوا خيولهم ، ويعودوا على العرب ، فلما عطفوا خيوليهم ، لم يشك العرب أنها هزيمة ، فألقوا نفوسهم عليهم ، فانهزموا ، فتبعوهم وغنموهم ، وقتلوا وأسروا ، وأقام مسلم على حصار حران ، وكان كلما رمى قطعة من السور ، نصب ابن جبلة بإزاء الثلمة مجانيق وعرادات ، منعت من يروم القرب منها ، وراسله : إنك كلما رميت قطعة من السور ، نصب ابن جبلة بإزاء الثلمة مجانيق وعرادات ، منعت من يروم القرب منها ، وراسله : إنك كلما رميت قطعة من السور ، جعلت مكانها مجانيق وعرادات ورجالا أشد منها ، فتوقف عن حربهم ، وتربص.