به من أبطالهم الفتاك ، فأقام أبو العز الوزير بحمص إلى حين عوده فخلع عليه شرف الدولة ، وأكرمه وقرر معه (١) حفظ الشام ، وطيب نفسه.
وسار بعد ذلك السلطان تاج الدولة إلى ناحية طرابلس ، وافتتح انطرطوس ، وبعض الحصون ، وعاد إلى دمشق.
وورد الخبر بنزول السلطان العادل ملك شاه أبي الفتح بن ألب أرسلان على حلب في يوم الأربعاء الثاني والعشرين من شعبان من السنة ، وضايقها إلى أن ملكها مع القلعة (٢).
وفي يوم الخميس الثاني من المحرم توجه شرف الدولة إلى بلد أنطاكية للقاء الفردوس ملك الروم (٣).
وفيها وصل الأمير شمس الدولة سالم بن مالك (٤) بالخلع السلطانية إلى شرف الدولة إلى حلب (٥).
__________________
(١) سنسمع الكثير من أخبار خلف بن ملاعب ولابن ملاعب ترجمة مطولة في كتاب بغية الطلب لابن العديم ، نشرتها في ملاحق كتابي مدخل إلى تاريخ الحروب الصليبية : ٣٨٠ ـ ٣٨٥.
(٢) ليس مكان هذا الخبر هنا ، بل بعد الحديث عن مقتل مسلم بن قريش ، وما استجد إثر ذلك في حلب. انظر كتابي مدخل إلى تاريخ الحروب الصليبية : ١٩٤ ـ ٢٠٥.
(٣) في مرآة الزمان ـ أخبار سنة ٤٧٥ ه : «لما صعد ـ مسلم ـ إلى الشام طالب الفردوس والي أنطاكية بمال الهدنة ، وهو ثلاثون ألف دينار ، في كل سنة ، فلم يحمل إليه شيئا ، وكاتبه أهل أنطاكية ، وقرروا معه فتحها وتسليمها إليه ، وكان من سوء رأي مسلم وتخلفه أنه كان له كاتب نصراني ، فكان يدع عنده مكاتباتهم ، ثقة به ، وتحقق الكاتب فتح أنطاكية ، فهرب إليها ومسلم بحلب ، ودفع تلك الكتب إلى الفردوس ، فلما وقف عليها أحضرهم ، وكانوا ثلاثمائة انسان ، فقتلهم بين يديه صبرا ، وكاشف مسلم ، وكتب إلى السلطان بأنه يكاتب صاحب مصر ، وينفذ له الخلع والأموال ، واستقر أن الفردوس يحمل إلى السلطان كل سنة مال الهدنة».
(٤) ابن عم لمسلم بن قريش ، كلفه مسلم بحكم قلعة حلب ، وصار بعد مقتل مسلم وسقوط حلب للسلطان ملكشاه سيدا لقلعة جعبر ، مما أهله وآله من بعده إلى شغل دور كبير في أحداث الحروب الصليبية. له ترجمة في كتاب بغية الطلب نشرتها في ملاحق كتابي مدخل إلى تاريخ الحروب الصليبية : ٤٠٥ ـ ٤٠٧.
(٥) لدى معرفة السلطنة بخبر وجود علاقات بين مسلم بن قريش والخلافة الفاطمية ، بعث إليه الوزير نظام الملك يعاتبه ، فأجابه مسلم : «إن كانت الكتب مني إلى صاحب مصر ، توجب العتب علي ، وإن كانت منه إلي ، فاحفظوا صاحبا لكم ، يرغب فيه صاحب مصر ، ولا تخرجوه عن أيديكم ، وارغبوا فيه ، كما رغب فيه غيركم». وبناء على هذا وصلته الخلع السلطانية. مرآة الزمان ـ أخبار سنة ٤٧٥ ه.