الحادي عشر من ذي الحجة سنة اثنتين وعشرين وأربعمائة ، (ومات) (١) وعمره ست وسبعون سنة ، وكانت أيامه أربعا وأربعين سنة وتسعة أشهر وأياما ، وكان جميلا مليح الوجه أبيض اللون مشربا حمرة ، حسن الجسم أبيض الرأس واللحية ، ورعا متدينا زاهدا عالما (٢) ، وكان رحمهالله قد بلي من أرسلان الفساسيري بما بلي إلى أن أهلكه الله وأراح ، بالعزائم السلطانية ، حسب ما تقدم به شرح الحال.
وروي عنه أنه لما اعتقل في الحديثة كتب رقعة ، وأنفذها إلى مكة حرسها الله تعالى مستعديا (٦١ ظ) إلى الله تعالى على الفساسيري ، وعلقت على الكعبة ، ولم تحط عنها إلى أن ورد الخبر بخروجه من الاعتقال من الحديثة وعوده إلى داره ، وهلاك عدوه الفساسيري ، وعنوانها :
«إلى الله العظيم ، من المسكين عبده». ونسخة الاستغاثة (٣) :
«بسم الله الرحمن الرحيم»
اللهم إنك العالم بالسرائر ، والمطلع على مكنون الضمائر ، اللهم إنك غني بعلمك واطلاعك على خلقك عن إعلامي (٤) ، هذا عبد من عبيدك قد كفر نعمتك وما شكرها ، وألغى العواقب وما ذكرها ، أطغاه حلمك وتجبر بأناتك حتى تعدى علينا بغيا ، وأساء إلينا عتوا وعدوانا.
اللهم قل الناصر ، واعتز الظالم ، وأنت المطلع العالم والمنصف الحاكم ، بك نعتز عليه ، وإليك نهرب من [بين](٥) يديه ، فقد تعزز علينا بالمخلوقين ، ونحن نعتز بك يا رب العالمين.
__________________
(١) أضيف ما بين الحاصرتين كيما يستقيم السياق.
(٢) ترجم له سبط ابن الجوزي في وفيات سنة / ٤٦٧ / وتحدث عن أسباب وفاته ، فبين أن الامراض أخذت تنتابه نتيجة للمصائب التي حلت به ، وأنه فصد في أحد الأيام ، فانفجر فصاده في الليل وخرج منه دما كثيرا سبب موته.
(٣) أثبت ابن العديم في كتابه (بغية الطلب) نص هذه الاستغاثة في ترجمته للبساسيري ، انظر مدخل إلى تاريخ الحروب الصليبية : ٢٦٣. وعلى رواية ابن العديم ضبط نص ابن القلانسي.
(٤) في رواية ابن العديم زيادة «عن اعلامي بما أنا فيه».
(٥) زيادة من رواية ابن العديم.