وأهل مملكته ، فيقال أنهم اغتالوه وسملوه (١) وأقاموا غيره مكانه لأشياء أنكروها عليه ، ونسبوها إليه (٢).
سنة أربع وستين وأربعمائة
في المحرم منها قتل الأمير جعبر صاحب قلعة دوسر ، فيها بمكيدة نصبت (٣) له وحيلة تمت عليه وغفلة استمرت به.
وفيها ملكت الرقة واستولي عليها ، وفيها نهض محمود بن صالح من حلب فيمن حشد من العرب وقصد ناحية اعزاز في يوم السبت الثاني والعشرين من رجب للقاء الروم ، فاندفعت الروم بين أيدي العرب ، والعرب في عدة قليلة تناهز ألف فارس وقصدوا أنطاكية ، واجتمعوا بها ، وعادت العرب إلى حلب (٤).
وفيها ورد الخبر من بغداد في شهر ربيع الأول منها بأن الامام الحافظ أبا بكر أحمد بن علي بن ثابت البغدادي الخطيب رحمهالله توفي يوم الاثنين السابق من ذي الحجة منها ، وحمل إلى الجانب الغربي من بغداد وصلي عليه ، ودفن بالقرب من قبة أحمد بن حنبل رحمهالله (٥).
__________________
(١) في الأصل «سلموه» وهي تصحيف صوابه ما أثبتنا.
(٢) تعد معركة مناز كرد من معارك التاريخ الكبرى ، وسبق لي الاهتمام بهذه المعركة حيث جمعت حولها جميع ما جاء في المصادر العربية وغير العربية من مطبوع ومخطوط ، ونشرت هذه النصوص في كتابي مختارات من كتابات المؤرخين العرب. دمشق : ١٩٧١ ، ص : ٩٦ ـ ١٥١ ، كما قمت بدراسة هذه المعركة في كتابي مدخل إلى تاريخ الحروب الصليبية : ١٤٣ ـ ١٥٢ ، ومفيد هنا أن أشير إلى أن المصادر العربية بالغت في تقدير تعداد العساكر ، فالرقم الذي ذكره ابن القلانسي قد يقبل منه العشر فقط.
(٣) قلعة دوسر هي قلعة جعبر نفسها ، وهي قائمة الآن وسط بحيرة سد الفرات في سورية ، وقد تملك هذه القلعة أحد زعماء قبيلة قشير واسمه جعبر بن سابق ، وكان يقوم منها بقطع الطريق على السابلة وبغارات سلب ونهب ، فنسبت القلعة إليه ، وقد انتزعت هذه القلعة من صاحبها سنة ٤٧٩ ه / ١٠٨٦ م من قبل السلطان السلجوقي ملكشاه أثناء قدومه إلى الشام ، حيث حاصرها وأنزل منها صاحبها ـ جعبر ـ وقتله ، وعلى هذا لا يمكن اعتماد رواية ابن القلانسي. انظر كتابي مدخل إلى تاريخ الحروب الصليبية : ٧٣ ، ٢٠٣ ـ ٢٠٦ ، ٤٠٦.
(٤) انظر زبدة الحلب : ٢ / ٣٠ ـ ٣١.
(٥) انظر حوله كتابي مائة أوائل من تراثنا ـ ط. دمشق ١٩٨٢ ، ص ٣٨٨ ـ ٣٩٢.