سنة اثنتين وخمسين وأربعمائة
(٥٦ ظ) فيها وصل الأمير المقدم تمام الدولة ، قوام الملك ، ذو الرئاستين ، سبكتكين المستنصري إلى دمشق ، وبقي فيها غير وال عليها إلى أن وصل القائد موفق الدولة جوهر الصقلبي من مصر في يوم الأربعاء الثاني من ذي الحجة سنة اثنتين وخمسين أربعمائة ، ومعه الخلع وسجل الولاية لدمشق بألقابه والدعاء له : «سلمه الله ووفقه» ، والناظر في الأعمال ، وحفظ الأموال سديد الدولة أبو عبد الله محمد ابن حسن الماشكي ، على ما كان عليه سبكتين [فأقام](١) واليا على دمشق إلى أن توفي بها في ليلة الاثنين الثالث والعشرين من شهر ربيع الأول سنة ثلاث وخمسين وأربعمائة ، فكانت ولايته ثلاث شهور وسبعة أيام.
وفي هذه السنة نزل الأمير محمود بن شبل الدولة بن صالح بن مرداس على حلب محاصرا لها ، ومضيقا عليها ، وطامعا في تملكها ، ومعه منيع بن سيف الدولة (٢) ، فأقام عليها مدة فلم يتسهل له فيها أرب ولا تيسر طلب ، فرحل عنها ، ثم حشد بعد مدة وجمع وعاد منازلا لها ومضايقا لأهلها ومراسلا لهم ، وتكررت المراسلات منهم إلى أن تسهل أمرها ، وتيسر خطبها ، فتسلمها في يوم الاثنين مستهل جمادى (٣) الاخرة ، وضايق القلعة إلى أن عرف وصول الأمير ناصر الدولة بن حمدان في العساكر المصرية لإنجادها ، فخرج منها في رجب سنة اثنتين ونهبت حلب بعسكر ناصر الدولة (٤) واتفقت وقعة الفنيدق المشهورة ، وانفلال ناصر
__________________
(١) أضيف ما بين الحاصرتين كيما يستقيم السياق ، حيث أن هناك سقط ما.
(٢) منيع بن مقلد من كبار أمراء كلاب. انظر زبدة الحلب : ١ / ٢٨٣ ـ ٢٨٤.
(٣) في الأصل «يوم الاثنين من جمادى» وهو تصحيف صوابه ما أثبتناه اعتمادا على زبدة الحلب لابن العديم : ١ / ٢٧٦. انظر أيضا كتابي : امارة حلب (بالانكليزية) : ١٥٥ ـ ١٥٦.
(٤) في هذه الرواية شيء من اللبس ، وجاء في زبدة الحلب لابن العديم ومصادر أخرى أن محمود أدخل مدينة حلب وحاصر في قلعتها مكين الدولة ابن ملهم ، ولدى وصول جيش ناصر الدولة انسحب محمود من المدينة ، فنزل مكين الدولة وأصحابه إليها فنهبوها ، ووصل ناصر الدولة إلى حلب وأراد نهبها فقيل له : «أصحاب مكين الدولة قد سبقوك ولم يبق