في إثر أخيه (١) مجدا ، وترك عساكره من ورائه ، فتفرقت غير أن وزيره عميد الملك الكندري وربيبه أنوشروان وزوجته خاتون وصلوا بغداد في من بقي معهم من العسكر في شوال سنة خمسين وأربعمائة ، واتصلت الأخبار بلقاء طغرلبك وأخيه إبراهيم بناحية همذان ، وورد الخبر بذاك على خاتون وولدها والوزير ، وأن إبراهيم استظهر عليه وحصره في همذان ، فعند ذلك عزموا على المسير إلى همذان لإنجاد السلطان ، فحين شاع الخبر بذاك اضطرب أمر بغداد اضطرابا شديدا ، وخاف من بها ، وكثرت الأراجيف باقتراب أرسلان الفساسيري.
وتوقف الكندري الوزير عن المسير فأنكرت خاتون ذلك عليه ، وهمت بالإيقاع به وتوقف ابنها لتوقفها عن المسير والانجاد للسلطان طغرلبك ، فنهضا للجانب الغربي من بغداد ، وقطعا الجسور من ورائهما وانتهبت دورهما (٢) واستولى من كان مع الخاتون من الغز على ما فيها من الأموال والأمتعة والأثاث والسلاح ، وتوجهت خاتون في العسكر إلى ناحية همذان ، وتوجه الوزير الكندري على طريق الأهواز.
فلما كان يوم الجمعة السادس من ذي القعدة ورد الخبر بأن أرسلان الفساسيري بالأنبار ، وسعى الناس إلى صلاة الجمعة بجامع المنصور ، فلم يحضر الإمام وأذن المؤذن في المنارة ، ونزل منها ، وأعلم الناس أنه رأى العسكر عسكر الفساسيري بإزاء شارع دار الرقيق فبادرت (٣) إلى أبواب
__________________
(١) معنى كلمة «اينال أو ينال» ولي عهد «اليبغو» وهو [اليبغو] «لقب من كان بعد الخاقان بدرجتين» «والخان هو الملك المعظم» للترك وهو الخاقان ، واليبغو هو زعيم الغز ، فعلى هذا كان ابراهيم ينال ، وهو أخ لطغرلبك ، من أمه ، حين ثار يطالب بحقه في زعامة السلاجقة ، أي أن يكون محل طغرلبك في السلطنة. انظر كتابي مدخل إلى تاريخ الحروب الصليبية ، ٣٣ ، ١١٦ ـ ١١٩.
(٢) في رواية ابن العديم : «فبطل عزم الكندري على المسير ، فهمت خاتون بالقبض عليه وعلى ابنها لتركهما مساعدتها على انجاد زوجها ، ففرا إلى الجانب الغربي من بغداد ، وقطعا الجسر وراءهما ، وانتهبت دارهما».
(٣) في الأصل «فبادروا» والتقويم من وراية ابن العديم ومن سياق الخبر.