وأراد به في هذا البيت : إلا النّؤي ، الذي يحبس الماء عن البيت ، وهو حاجز يجعل حول البيت من التراب.
واللأي : البطء والاحتباس ، وأبيّنها : أتبيّنها. يقول : بعد بطء وطول نظر وفكر عرفت الدار. وإنما تنكرت عليه لخرابها وتغيّرها عن الحال التي يعرفها عليها. وقوله : والنؤي كالحوض ، شبّه النؤي الذي حول البيت بالحوض ، والمظلومة : الأرض التي أبطأ عنها المطر أعواما فلم يصبها ، ويقال : المظلومة : الأرض التي نزلت من أول نزول ولم تكن نزلت قبل ذلك ، والجلد : الأرض الصلبة.
و (الجلد) بدل من (المظلومة) و (ما) زائدة ، أراد : لأيا أبيّنها ، و (لأيا) مصدر لا فعل له من لفظه ، ويقال التأت عليه الحاجة : أبطأت ، وانتصابه لأنه مصدر جعل في موضع الحال ، كأنه قال : فبطئا عرفتها ، والعامل فيه (أبيّنها) ، وهو نحو من : قتلته صبرا وأتيته ركضا.
[رفع الفعل إذ لم يكن جوابا]
٣٧٠ ـ قال سيبويه (١ / ٤٢٢) : «واعلم أنك إن شئت قلت : ائتني فأحدثك ، ترفع ، وزعم الخليل أنك لم ترد أن تجعل الإتيان سببا لحديثه ، ولكنك كأنك قلت : ائتني فأنا ممن يحدثك البتة جئت أو لم تجىء» قال النابغة الذبياني :
ولا زال قبر بين تبنى وجاسم |
|
عليه من الوسميّ جود ووابل |
(فينبت حوذانا وعوفا منوّرا |
|
سأتبعه من خير ما قال قائل /) (١) |
__________________
(١) ديوان النابغة ق ١٤ / ٢٥ ـ ٢٨ من قصيدة قالها يرثي النعمان بن الحارث الجفني.
والرواية متباينة. وهما :
٢٥) سقى الغيث قبرا بين بصرى وجاسم |
|
ثوى فيه جود فاضل ونوافل |
٢٨) ولا زال يسقى بطن شرج وجاسم |
|
بجود من الوسميّ قطر ووابل ـ |