في الكلام قليل لا يكادون يتكلمون به ، فإذا تكلموا به ، فالفعل كأنه في [موضع](١) اسم منصوب. وقد جاء في الشعر ، قال طرفة بن العبد :
(ألا أيّهذا الزاجري أحضر الوغى |
|
وأن أشهد اللذّات هل أنت مخلدي) (٢) |
الشاهد (٣) فيه أنه حذف (أن) من قوله (أن أحضر الوغى) فإن قال قائل : وما الذي أحوج إلى تقدير (أن) قيل له : معنى الكلام أحوج إلى هذا ، لأن الزاجر لطرفة زجره عن شيء من أفعاله ف (عن) مقدرة و (أن) حذفت من الكلام ، و (عن) من حروف الجر ولا تدخل على الأفعال ، وإنما تدخل على الأسماء ، و (أن والفعل) في تأويل اسم هو مصدر.
فأصل الكلام : ألا أيهذا الزاجري عن أن أحضر الوغى. يريد عن حضور الوغى ، وحذف (عن) فصار (أن أحضر الوغى) ثم حذف (أن) ورفع الفعل.
وقوم من أهل الكوفة ، يرون النصب في هذا الفعل بعد حذف (أن) وقد روي :
__________________
(١) زيادة من نص سيبويه ليست في الأصل والمطبوع.
(٢) ديوان طرفة ص ٤٩ من معلقته المشهورة. وجاء في صدره (ألا أيهذا اللائمي) كما روي البيت للشاعر في شرح المرزوقي ٢ / ٤٩٤ و ٩٦٨ وفي اللسان (أنن) ١٦ / ١٧٣ و (دنا) ١٨ / ٢٩٨
(٣) ورد الشاهد في : معاني القرآن ٣ / ٢٦٥ والفراء يرى النصب ويقول : «ألا ترى أن ظهور (أن) في آخر الكلام يدل على أنها معطوفة على أخرى مثلها في أول الكلام ، وقد حذفها». أما نحاة البصرة فيرون أن حذف (أن) يدعو الى رفع الفعل كما في : المقتضب ٢ / ٨٥ و ١٣٦ والنحاس ٩٦ / أوسر صناعة الإعراب ١ / ٢٨٦ والأعلم ١ / ٤٥٢ والكوفي ١٢٣ / ب و ١٦٠ / ب و ١٩٩ / أو ٢٢١ / أوالمغني ش ٦٢٦ ج ٢ / ٣٨٣ وابن عقيل ش ١١١ ج ٢ / ٣٠٦ وشرح السيوطي ش ٦٠٩ ص ٨٠٠ والخزانة ١ / ٥٧ و ٣ / ٥٩٤ و ٦٢٥